بدت قناة LBC أكثر القنوات اهتماماً بموضعية النقل المباشر للانتخابات البلدية حرصاً منها على عمل مهني بات مفقوداً مع توجيه الإعلام وخضوعه الطوعي للرساميل السياسية والمالية التي اشترت الوسائل الإعلامية وحولتها من وسائط نزيهة الى مخبرين مؤتمرين بتعليمات حزبية صارمة لتحريض اللبنانيين على أنفسهم في معركة توازنات داخلية بأبعاد إقليمية استنزفت لبنان وأبقته في قاع الهاوية .

لم تكن دلال أبو خليل الاعلامية المميّزة مجرد لاقط إخباري لحدث انتخابي يعبر أزمة الأمن بسلاسة متناهية ليؤكد زيف الادعاء باستحالة إجراء انتخابات نيابية كما ادّعى الممددون النيابيون لأنفسهم .

كما أنها لم تتفاعل مع الحدث من موقع الامتثال لغريزة الطائفة أو الجهة الشخصية أو الحزبية حال الاعلاميين المنتمين للهويات المذهبية والجهوية .

وهذا ما ميّز التغطية المباشرة للعمليات الانتخابية في كل المناطق اللبنانية على قناة LBC وهذا ما أعطى ومنح المشاهد اللبناني صورة نظيفة عن المشهد الانتخابي دون تحريض كيّ لا ينحاز بطريقة عمياء لعصبية ما .

لذا شكلت تغطية قناة LBC بأداء الإعلامية أبو حيدر متسعاً من التعاطي السليم في الرؤية وفي الجدل السياسي الذي دفع بالمشاهدين الى إعادة الاندماج في الاستحقاقات الدستورية من موقع المسؤول القادر على تحديد أولوياته وفق رؤيته لا وفق مزاجية البيئة المحاصرة لأي ارادة متحررة من أيّ استلاب سياسي طائفي يغذي عناصر الفرقة في لبنان .

يبدو في المقاربة ما بين ناقل وناقل اعلامي للحدث البلدي مجالاً لاستثناء قناة واحدة غير مشتغلة بالضمير الطائفي الحاضر وبقوّة في لبنان وهي ما أضافت للعملية الانتخابية  مجالاً للتعاطي أو للاستقراء في استحقاق عُطَل دوره لغياب عنصر التحدي من قبل المعارضة الغائبة لصالح حضور قوي للطبقة السياسية المهيمنة على كل شيء بما فيهم أدوات الوسائط الاعلامية.

من هنا كانت الاسئلة اللجوجة تبحث عن اجابات لها من خارج الورقة الانتخابية ومن خارج اللوائح التي تشبه بعضها البعض اذ أن الجميع يركب قطاراً واحداً ويصعد سلمه بما يوصله الى أهداف تخدم سياسات المزرعة لا الدولة التي نفتقر اليها .

ربما تكون دلال أبو حيدر قد أحسنت عندما طرقت الباب المقفل بوجه المتطلعين الى يوم آخر لا شك فيه ولا جنون يعتريه تحسباً منها لصحوة سياسية ايجابية يُسهم الاعلام وبمسؤولية عالية اتجاهها كونها معنية بإعادة ترميم الدور الخجول للبنانيين في اختيار من يرونه مناسباً لتصحيح مساراتهم الكافة .

تبدو صنعة الاعلام اللبناني مهنة مقنعة ومدفوعة الى انعاش الانقسام السياسي من موقع الاحتشاد الطائفي وها ما سيعطل امكانية النهوض بلبنان بما يتناسب مع دوره العربي ومع موقعه التاريخي والجغرافي الريادي والذي جعله استثناءً عربياً لا شبيه له على الاطلاق.