تمهيد:

تترسّخ يوما بعد يوم فرضية أنّ النظام السوري هو الذي قام برعاية الإرهاب والإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط بعد سقوط نظام صدام حسين في بغداد، فقد استقبل بشار الأسد على أرض سوريا الإرهابيين والتكفيريين وفلول البعث العراقي، فوفّر لهم المأوى والخدمات اللوجستية، وقام بتوزيعهم شمالا ويميناً، إلى العراق مع موجات التفجير ذات الطابع المذهبي بحُجّة مقارعة الغزو الأميركي،حتى بلغت الخسائر البشرية أضعاف ما سبّبه الغزو الأميركي، ثم أسبغ الأسد فضائله على لبنان، فزرع الرعب والإرهاب على أرضه باغتيالات متلاحقة طالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ليتبعه الصحافي الناشط في مواجهة الاستبداد والديكتاتورية سمير قصير، ليتبعه صاحب جريدة النهار ورئيس تحريرها جبران تويني ،فامين عام الحزب الشيوعي اللبناني السابق جورج حاوي.

أمّا أكبر لغم صدّره النظام السوري إلى لبنان هو لغم شاكر العبسي وجماعة فتح الإسلام، الذين خاضوا حربا حقيقية في نهر البارد شمالا ضد الجيش اللبناني، وانجلى غبار المعركة بفرار العبسي إلى سوريا.

أولاً:

تبادل المنافع.. لاطالة عمر النظام السوري قبل اندلاع الثورة،عمد أركانه إلى شغل الأميركيين والعراقيين بحرب طابعها مذهبي  وشعاراتها محاربة الغزاة، وهذا ما استوجب رعاية الجماعات الإرهابية كافة، من عناصر القاعدة ،إلى فلول العناصر البعثية العراقية، وكل ما هبّ ودبّ من الجماعات الأصولية الوافدة من دول الخليج العربي، وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وأوروبا الغربية.

وما أن اندلعت أحداث الثورة السورية ضد النظام الاستبدادي، حتى هبّت هذه الجماعات، وتحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام لردّ الجميل للنظام، وبحجّة الخروج عليه، تمكن التنظيم من بسط سلطانه على مساحة واسعة من شمال سوريا، ووضع يده على منابع النفط والغاز وتبادل المنافع مع النظام، وبرز للعب دور الخنجر في صدر المعارضة المسلحة، فاشتبك مع فصائل المعارضة التي حملت السلاح للحفاظ على وجودها أولا، والسعي تاليا لإسقاط النظام.

ثانياً:

تبادل الأدوار.. لجأ النظام السوري للاستنجاد بالقوى الإقليمية والدولية لعضده ومنع سقوطه، فدخلت إيران بدور الداعم الاقتصادي واللوجستي العسكري أولا، ثم انتقلت إلى الانخراط العسكري الواسع تاليا، كذلك فعل حزب الله، وبعض التنظيمات العسكرية العراقية، ذات الطابع الميليشياوي، في هذا الخضم، سمح النظام لداعش بالتمدّد وفرض السيطرة، والصمود في وجه الهجمات الجوية الغربية، فوقاه شر الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين، ولم يُسجّل حتى الآن أي اشتباك فعلي بين الحرس الثوري الإيراني ،أو عناصر حزب الله اللبناني مع الدولة الإسلامية، حتى الهجمات الجوية الروسية لم تنل من داعش مقتلاً، وما زال النظام السوري يحتفظ بهذه الورقة الحيوية، ويتبادل أدوار الإسناد معها، طالما أنّها ما زالت تحتفظ بقوتها وفعاليتها، ولعلّ هذا هو سرّ صمودها الخارق حتى اليوم، وعندما ينجو النظام تنجو داعش، وعندما يسقط تسقط وتتهاوى معه، وهذا ما صرّح به أكثر من معارض سوري: النظام وداعش وجهان لعملة واحدة.