انتقدت المعارضة في تركيا تودّد الرئيس رجب طيب أردوغان إلى قضاة محاكم الاستئناف، ورأت في توصية مجلس الأمن القومي اعتبار جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن تنظيماً إرهابياً، التفافاً على عمل القضاء.

اعتراض المعارضة على «علاقة» أردوغان برؤساء مؤسسات القضاء، خصوصاً رئيس محكمة الاستئناف إسماعيل رشتو جيريت، أتى بعد لقاءات وزيارات «ترويح» جمعته بالرئيس، مع رؤساء لمحاكم إدارية ومالية شكّلت تقليدياً أبرز عثرة أمام تحقيق أردوغان كثيراً من مشاريعه القانونية والإصلاحية.

وكانت رحلة لجمع أوراق الشاي في مدينة ريزة على البحر الأسود، جمعت أردوغان مع جيريت في أجواء صداقة واضحة. كما دعا الرئيس عشرات من قضاة محكمة الاستئناف والمحاكم الإدارية، للمشاركة في رحلة أخرى إلى محافظة اسكي شهير، لحضور افتتاح مدارس جديدة تابعة للقضاء.

وانتقد زعيم المعارضة البرلمانية كمال كيلجدارأوغلو تلبية القضاة تلك الدعوات، وحضورهم كلمة ألقاها الرئيس، خرجت عن سياقها فتضمّنت انتقادات لأحزاب المعارضة، وسط تصفيق من القضاة، في مشهد اعتبره كيلجدارأوغلو «نهاية لاستقلال القضاء في تركيا».

السجال في هذه المسألة أجّجه إصرار أردوغان على موقفه، إذ علّق على انتقادات المعارضة قائلاً إنها «ستعتاد على ذلك مستقبلاً». كما برّر رئيس محكمة الاستئناف الأمر، قائلاً إن أردوغان هو رئيس الجمهورية والقضاة في نهاية الأمر مواطنون يجب ألا يقطعوا علاقتهم به، مستخدماً للمرة الأولى مصطلح «رئيس الدولة» بدل رئيس الجمهورية. وفسّرت أوساط المعارضة الأمر على أنه دعم قوي من القضاء لمشروع أردوغان تحويل النظام رئاسياً.

وذكّرت المعارضة بأن صلاحيات الرئيس تعيين رؤساء مؤسسات قضائية، تأتي من أن الدستور ينصّ على أن يكون رئيس الجمهورية «محايداً سياسياً»، وألا ينتمي إلى أي حزب أو يدعمه. واعتبرت أن أردوغان فقد هذه الصلاحية، بعد إعلانه أنه ليس رئيساً محايداً ودعمه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. ونبّهت إلى أن تقاربه مع القضاة سيُسيِّس القضاء لمصلحة الحزب الحاكم، خصوصاً أن القضاء بات المؤسسة الوحيدة التي تفصل في قضايا كثيرة ترفعها المعارضة، لعرقلة قوانين وتعديلات دستورية يطرحها أردوغان ويقرّها النواب الموالون للحكومة في البرلمان.

وفي الإطار ذاته، رأت المعارضة في توصية مجلس الأمن القومي باعتبار جماعة غولن تنظيماً إرهابياً، وإلزام كل مؤسسات الدولة التعامل معها على هذا الأساس، التفافاً على عمل القضاء الذي يُفترض أنه المؤسسة الوحيدة المخوّلة إثبات هذه التهمة على أي شخص أو هيئة في تركيا، علماً أن الجماعة تُحاكَم بهذه التهمة، لكن أي حكم في هذا الصدد لم يصدر بعد.

وأعلن أردوغان أن الحكومة وافقت على قرار بإطلاق وصف «جماعة غولن الإرهابية» على أنصار الداعية، وزاد: «لن ندع الذين يقسّمون الأمّة من دون عقاب. سيُحاسَبون. بعضهم فرّ وبعضهم مسجون ويُحاكم الآن، والعملية ستستمر».

وتلفت المعارضة إلى أن أردوغان، المستاء من قرارات المحكمة الدستورية العليا، يسعى إلى استمالة قضاة محاكم الاستئناف التي تنظر في قضايا الفساد وجماعة غولن، من أجل تأمين صدور أحكام تؤيّد توجّهه. وتعتبر أن هذا الوضع يضع السلطتين التشريعية والتنفيذية تحت تصرّف الرئيس، محذرة من أن تبعيّة القضاء له ستدمّر أسس النظام الديموقراطي في تركيا.

على صعيد آخر (رويترز)، أعلن أردوغان أنه يعتزم تحسين العلاقات مع روسيا، مستدركاً أنه لا يعرف طابع «الخطوة الأولى» التي تتوقّعها موسكو من أنقرة. وأبدى قلقاً لتضحية الجانبين بعلاقاتهما، بسبب «خطأ طيار»، في إشارة إلى إسقاط تركيا مقاتلة روسية فوق الحدود السورية.