عن سؤال: كيف ضرب الرئيس أردوغان العلمانيّة في تركيا؟ أجاب المسؤول الكبير نفسه في "حركة حزمت"، قال: "العلمانيّة كما الديموقراطيّة ضمانتها المؤسّسات مثل القضاء والإدارات والمؤسّسات الأمنيّة. هذه كلّها لعب بها أردوغان فصارت تخرق في استمرار الديموقراطيّة والعلمانيّة والاستقرار والحريّة. سقط خلال شهر واحد في تركيا 300 قتيل. وكل يوم يسقط قتيل أو إثنان أو ثلاثة. أما الجيش، الذي سألت عنه وعن دوره في محاربة الأكراد وعن دور ما له في الحكم، فهو "مبسوط" ليس لأنّه لا يريد حلاً سياسيّاً مع أكراد بلاده، بل لأنّه يرى أن مسلك أردوغان لحل مشكلة هؤلاء غير سليم. فهو بدأ تفاوضاً مع الزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان وقيل إن بحثاً في إمكان العفو عنه قد حصل. لكن الأحزاب في تركيا والسياسيّين والشعب لم يعرفوا على ماذا يحصل التفاوض. والجيش "مبسوط" أيضاً لأن الحاجة إليه تزايدت، ولا سيّما بعدما حاول أردوغان إضعافه بتطهيره من العلمانيّين. لكنّني لا أعتقد أن الجيش سيقوم بانقلاب كما في السابق. هذه تجارب لم تعد مُمكنة. تركيا يجب أن تُراعي حلفاءها الأساسيّين وخصوصاً أميركا وحلف شمال الأطلسي التي هي عضو فيه. لكن أردوغان ذهب في اتجاه "آسيان" ودول أخرى مثل الصين، وراودته ولا تزال تُراوده فكرة تنفيذ مشروعات ضخمة سياسيّة وغير سياسيّة. الانفتاح على العالم جيّد ومطلوب. حماية التحالف مع الأصدقاء أولويّة".
سألتُ: هل يمكن أن يصل تردّي علاقة تركيا أردوغان مع روسيا بوتين إلى حد الصدام العسكري؟ أجاب: "هناك صراع بين الإثنين رغم العلاقات التجاريّة والاقتصاديّة التي كانت قائمة بينهما. عندما أسقطت المضادات التركية طائرة حربيّة روسيّة اخترقت مجالها الجوّي أعلنت روسيا ذلك من دون تسمية مسقِطها. كما تحدّث ناطق رسمي روسي آخر عن الحادثة بالطريقة نفسها. أوحى ذلك أن موسكو تُريد "لململة" المشكلة. لكن أردوغان الرئيس وأوغلو رئيس حكومته أعلنا أن الدفاع الجوّي التركي أسقط الطائرة. وكان في ذلك نوع من "البهدلة" لروسيا. فاتّخذ بوتين إجراءات اقتصاديّة ثأريّة في حق تركيا. وفرض حصول الأتراك المسافرين إليها على تأشيرة دخول كانت أُلغيت سابقاً. وأقفل مؤسّسات تركيّة في بلاده. وأعاد العمالة التركيّة إلى بلادها. وهدّد باتّخاذ إجراءات أقسى وأشدّ. طبعاً العلاقة الآن بين أنقرة وموسكو ليست جيِّدة. لكن رغم القطيعة الحالية التقى زعماء البلدين في قمة مجموعة الـ 20. لكن شيئاً إيجابياً لم يحصل بين أردوغان وبوتين. أنا أشك في أن تُقدم تركيا على إسقاط طائرة أخرى لروسيا. وأشك في أن تتدهور العلاقة بحيث تصل إلى صدام عسكري بين البلدين".
سألتُ: هل يمكن توقّع حرب أهليّة في تركيا بين الأتراك الأكراد وغير الأكراد أو لاحقاً بين الأتراك السنّة والأتراك العلويّين؟ أجاب: "الحرب الأهليّة التركيّة – الكرديّة حاصلة. فمناطق الأكراد تتعرّض يوميّاً إلى ضرب وقصف وهجمات عسكريّة. وصار فيها دمار مُشابه للدمار الحاصل في سوريا. والإجراءات الأمنيّة غائبة. وفي الوقت نفسه يقوم مقاتلو حزب العمال الكردستاني التركي PKK بالمواجهة. وهناك مناطق مُقفلة في وجه الأكراد وأخرى مُقفلة في وجه الجيش التركي. هذا التدهور وصل إلى أنقرة وإلى اسطنبول اللّتين تشهدان عمليّات انتحاريّة وتفجيرات واغتيالات. احتمال تطوُّر هذه الحرب وتوسُّعها قائم. أما الحرب العلويّة – السنّية التركية فلا أظن أنها محتملة أو على الأقل قريبة. ما حصل في سوريا أثار العواطف والاستياء عند علويّي تركيا وخصوصاً بعد الحجم الكبير للدمار والعدد الكبير للضحايا. لكن المناطق السوريّة فرغت ولم يعد هذا الأمر يعني الكثير. في الداخل التركي يشعر العلويّون بسوء معاملة حصلت معهم سابقاً ويريدون التخلّص منها. وهناك مشروع قانون في مجلس النواب يُنصفهم بعض الشيء ويُعطيهم حقوقاً كانت محرّمة عليهم (مدارس – مساجد – مساعدات)، وهو قيد المناقشة حاليّاً. إذا لم يُقر مشروع القانون ويُنفَّذ فإن الاستياء سيزداد. ولا تعرف كيف يمكن أن تتطوّر الأمور بعد ذلك".
سألتُ: ألا تعتقد أن أردوغان أخطأ بعدم التحالف مع "حزب الشعوب الديموقراطي" بزعامة دميرطاش (الكردي)؟ لو فعل ذلك لكان جمع أكثرية الثلثين في مجلس النواب وحوّل النظام في بلاده رئاسيّاً ولحل المشكلة الكرديّة في بلاده، بماذا أجاب؟