كان مع زوجته ووالدته وخالته في زيارة عندما تلقى اتصالا من مركز عمله كي يداوم فقطع زيارته وعاد إلى بيروت وفي طريق العودة في أحد شوارع العاصمة اخترقت رصاصة عمياء زجاج سيارته الخلفي لتصل إلى رأسه فأردته على الفور، فسقط وسام بليق شهيد الفلتان الأمني لتبدأ بعدها التكهنات عن مصدر الرصاصة ومن أطلقها؟

وهل هي متعمدة ام أنها رصاصة طائشة من تلك الرصاصات التي اعتاد اللبنانيون إطلاقها في كل المناسبات؟ 

وتم التعرف على مطلق النار بواسطة كاميرات المراقبة وشهادات أشخاص وهو حسين هواري لتبدأ مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صوره وهو يرتدي البزة العسكرية لحزب الله. 

وكشفت زوجته التي كانت برفقته في السيارة أثناء ارتكاب الجريمة وخلال التحقيق معها ان المقصود كان شخصا آخر وقع إشكال بينه وبين حسين ما دفع الأخير إلى مطاردته وإطلاق النار عليه فأخطأه وأصاب سيارة بليق الذي صودف مروره في المكان.

وبعد فعلته هرب من موقع الجريمة، والبحث جار عنه، وفي آخر المعلومات المتداولة أنه فر إلى سوريا. 

وحسب المعلومات فإن للقاتل هواري الذي أرعب أبناء منطقته لسنوات سجل حافل بالاعتداءات... سرقة ونهب وضرب وقتل... وهو من رأس بيروت ومقيم في المزرعة حي بربور ومنتسب إلى سرايا المقاومة التابعة لحزب الله، وفي حقه أربع سوابق تعاطي مخدرات، ومع ذلك فهو يسرح ويمرح في شوارع العاصمة ويتنقل من مكان إلى آخر دون الخوف من اي ملاحقة قضائية. 

ولاحقا صدر بيان عن قيادة سرايا المقاومة تنفي علاقتها بالقاتل مؤكدة على ان الحادث فردي وليس له أية خلفيات سياسية او حزبية تاركة للقضاء أن يأخذ مجراه. 

وهذه الجريمة لم تفصلها سوى أيام قليلة جدا عن حادث قتل المواطن حسين الحجيري الذي لا يقل خطورة عن هذه الجريمة، بحيث أقدم شبان على خطفه من أمام مركز للأمم المتحدة في مدينة بعلبك وفي وضح النهار وتمت تصفيته بأطلاق ثلاثين رصاصة عليه في بلدة طاريا البقاعية حيث تم العثور على جثته قرب ضريح الشهيد الجندي محمد معروف حمية الذي قتله تنظيم جبهة النصرة في شهر أيلول العام 2014، وعلى الفور تبنى معروف حمية وهو والد الجندي الشهيد عملية القتل مبررا ذلك على أنها ثأر لأبنه من عم المغدور حسين وهو الشيخ مصطفى الحجيري الملقب أبو طاقية بعد اتهامه بأنه ضالع في قتل إبنه الجندي محمد وبأنه هو من سلمه إلى جبهة النصرة التي قامت بتصفيته. 

لا شك أنهما جريمتين موصوفتان بكل المقاييس بغض النظر عن الدوافع والخلفيات والأسباب التي أدت إلى ارتكابهما، وما كان لمثل هذه الجرائم لترتكب لو كان البلد ينعم بدولة ممسكة بقراراته السياسية والأمنية والعسكرية،  فالدولة التي ترزح تحت ضغوط قوى الأمر الواقع الممسكة بمفاصل البلد والمتسلطة عليه.

والدولة التي تترنح على حلبة الصراع بين الأطراف المتناحرة لاقتسام المغانم من موارد مالية ووظائف وسلطات فهي أعجز من أن تفرض الأمن والاستقرار في ربوع الوطن، بحيث تبقى قاصرة عن تأمين الحماية للمواطن في ظل هذا الانفلات الأمني ومع عبث السلاح المتفلت.

ومع غياب تام لمحاسبة المخلين بالأمن والخارجين على القانون والمجرمين وتجار الدم والعابثين براحة المواطن الذي يجد نفسه مضطرا لحماية نفسه والمطالبة بحقه وتحصيله بقوة ساعده، وليس كل مواطن بقادر على ذلك ليصبح المجتمع البشري في البلد أقرب إلى التجمعات الحيوانية.

والبلد إلى ما يشبه الغابة حيث يأكل القوي منا الضعيف دون رادع من ضمير وخوف من قانون، عندها فقط يخترق رصاص الاستهتار والجهل والتخلف رأس وسام بليق وجسد حسين الحجيري في ظلال أمن مفقود وقضاء لا يحاسب وفي وطن ضائع ودولة تتلاشى لمصلحة دويلات الأحزاب.