يشهد لبنان غدا الأحد 29 أيار 2016  رابع وآخر جولة إنتخابات بلدية وإختيارية في محافظتي الشمال وعكار وسيقترع فيهما حوالي 850 ألف ناخب .

تمتاز هذه الجولة بكثرة المعارك الإنتخابية التي تعطي بعدا تنافسيا للأجواء المسيطرة عليها وتعكس رغبة شبابية بالدرجة الأولى نحو التغيير والتعبير عن النقمة الحقيقية التي يشعر الشماليون بها من أداء المجالس البلدية الحالية.  

طرابلس معركة أحجام:

  وفي عاصمة الشمال تتنافس 4 لوائح للسيطرة على المجلس البلدي لثاني أكبر مدينة في لبنان المكون من 24 عضو .

الأولى مدعومة من تحالف تيار المستقبل ونجيب ميقاتي والوزيرين  محمد الصفدي وفيصل كرامي وتيار المردة  والأحباش والجماعة الإسلامية وسميت " لطرابلس" ويرأسها الدكتور عزام عويضة والثانية مدعومة من وزير العدل اللواء أشرف ريفي برئاسة أحمد قمر الدين تحت مسمى" قرار طرابلس" وهي تمثل رأي المجتمع المدني في المدينة.

أما الثالثة فهي لائحة "طرابلس عاصمة" برئاسة النائب السابق مصباح الأحدب وتمتاز بطرحها لمشروع وهدف إنمائي للنهوض بالمدينة.

على أنه تشكلت لائحة رابعة غير مكتملة لبعض شباب طرابلس. وتخاض المعركة ظاهريا تحت عنوان إنماء ونهضة طرابلس لكنها في الواقع هي معركة تحديد أحجام خصوصا بين تيار المستقبل وأشرف ريفي الذي يصر على طرح شعارات سياسية واضحة بعيدة عن العمل البلدي لتجييش الرأي الطرابلسي وتخويفه من مكونات حلف لائحة "لطرابلس" لجهة إنتمائهم وقربهم من 8 آذار وحزب الله خصوصا أن المدينة شهدت 21 جولة عنف منذ سنتين بين التبانة وجبل محسن ولم يضمد الجرح بعد. فاللواء المتمرد على قرارات المستقبل يحاول إثبات حجمه الحقيقي وأنه رقم صعب على الساحة الطرابلسية كتوطئة للإنتخابات النيابية لاحقا وتكريسه زعامة وحيثية في الشمال.

أما لائحة تحالف السلطة وخصوصا المستقبل فلا يخفى على أي مراقب نيته في كسر أشرف ريفي شمالا لإستراجعه إلى الحظيرة الزرقاء.

وما بين اللائحتين المذكورتين تسبح الشعارات السياسية في بحر وقت  ما قبل الإنتخابات وتغيب الشعارات الإنمائية التي تهم المواطن الطرابلسي.

وعلى النقيض تماما، تقدم لائحة " طرابلس عاصمة"  برنامجا إنمائيا واضحا ذات حلول للعديد من المشاكل التي يعاني منها الطرابلسيين ويغيب عنها الشعارات السياسية ولكنها بالتأكيد ستحدد حجم شعبية مصباح الأحدب طرابلسيا.

أما في الميناء فتتنافس ثلاث لوائح. الأولى " ميناء الحضارة" مدعومة من المستقبل ودولة الرئيس نجيب ميقاتي بجهوزية وحضور تيار العزم الذي يرأسه والثانية " الميناء بيتك" مدعومة من التيار الوطني الحر وتيار المردة والثالثة " الميناء لأهلها"  مدعومة من المجتمع المدني. ويخوض المعركة البلدية أيضا شخص منفرد من دون لائحة هو أحمد السعيد.

  تنورين معركة إلغاء لبطرس حرب:

  في تنورين تلك القرية البترونية والتي تشكل رمزا لحيثية وزير الإتصالات بطرس حرب تخاض فيها معركة إنتخابية للفوز بمقاعدها ل 18 بين لائحتين،  الأولى " قرار تنورين" برئاسة بهاء حرب ومدعومة من بطرس حرب والكتائب والمستقلين والثانية "تنورين بتجمعنا" برئاسة أيوب حرب ومدعومة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

والمعركة وإن إستعملت فيها الشعارات الإنمائية إلا أنها تعكس رغبة لدى الثنائية المسيحية في كسر وإلغاء بطرس حرب خاصة وظاهرة البيوتات السياسية في المجتمع المسيحي كما حصل مع دوري شمعون في دير القمر.

إلا أن مراقبين للمعركة الإنتخابية ترجح فوز اللائحة المدعومة من الوزير حرب الذي تلقى رسائل دعم من حليفه الجديد الوزير السابق سليمان فرنجية.

ويبدو أن التحالف المستجد بين فرنجية وحرب والكتائب سيعمم على كافة قضاء البترون مثل كفرعبيدا وعبرين وإدة التي تشهد معركة بين لائحتين الأولى مدعومة من تحالف القوات والتيار والثانية مدعومة من تحالف الكتائب وبطرس حرب والمردة.

ولعل هذا الإصطفاف الجديد سيشهد تطورات واسعة في المستقبل على صعيد المواجهة السياسية ضد حلف القوات والتيار الذي يعاني من صعوبات في البترون لتداخل القوى السياسية والعائلات.

  القبيات أم المعارك:

  ستكون القبيات كبرى بلديات عكار أم المعارك في الجولة الإنتخابية الأخيرة.

حيث ستخاض معركة شرسة بين لائحة " القبيات بتقرر"  برئاسة عبدو عبدو المدعومة من النائب هادي حبيش والشيخ مخايل الضاهر ونالت دعما أيضا من سليمان فرنجية وبين لائحة" أهل القبيات" المدعومة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

والنتائج متقاربة جدا بين اللائحتين خصوصا أن لائحة الثنائية المسيحية لها شعبية واسعة في القبيات خصوصا القوات وتستطيع أن تسجل نتيجة قد تقلب التوقعات.

وللنائب حبيش وزن سياسي هام أيضا سيلعب دوره خصوصا مع تحالفه الجديد مع خصمه القديم الشيخ مخايل الضاهر ما سيعطي لائحته زخما قويا.

لذلك من الصعب الحكم على النتيجة من الآن وتوقعها لكن الثابت الوحيد أن القبيات متجهة إلى معركة شرسة ستكون أم المعارك في هذه الإنتخابات وستكون بروفا للإنتخابات النيابية القادمة وإختبارا إضافيا وقاسيا لنجاح أو فشل التحالف العوني - القواتي. ولعل إختيار إسم " أهل القبيات" كمسمى للائحة التحالف المسيحي يعكس رغبة لدى هذا التحالف في السيطرة على المجلس البلدي وسحب البساط من تحت أقدام الثنائي الضاهر- حبيش من خلال ورقة العائلات.

 

فوز مضمون في زغرتا وبشري:

  في عرين القوات اللبنانية بشري تخاض إنتخابات بلدية شبه محسومة لصالح القوات اللبنانية بين لائحة "الإنماء والوفاء لبشري" المدعومة من القوات اللبنانية برئاسة فريدي كيروز، والثانية "بشري موطن قلبي" المدعومة من المستقلين والفاعليات التقليدية. وتشرف على لائحة القوات النائب ستريدا جعجع وتأمل تحقيق فوز سهل لها. أما في زغرتا الزاوية، فلأول مرة نجح التقارب بين آل معوض وآل فرنجية في ترجمة توافق سياسي ولو من البوابة البلدية. فتشكلت لائحة" التوافق السياسي" المدعومة من تيار المردة وحركة الإستقلال مقابل لائحة " الإنماء" المدعومة من المجتمع المدني وناشطيه. والمعركة محسومة النتائج أيضا لصالح فوز لائحة التوافق السياسي في حين يأمل مرشحي وداعمي لائحة الإنماء في تحقيق نسبة شبيهة بما حققته لائحة " بيروت مدينتي" في العاصمة. وفي قضاء زغرتا إجمالا يعمل على التوافق بين المردة وحركة الإستقلال والقوات اللبنانية ويتولى ميشال معوض مهمة الوساطة بين المردة والقوات لإنجاح عملية تشكيل المجالس البلدية في قرى القضاء.  

معارك تقليدية في الكورة والمنية الضنية:

  تشهد الكورة معالم معارك تقليدية ففي أفيون وميع تشكلت لوائح متنافسة بين القوات من جهة والحزب القومي السوري من جهة أخرى وفي أنفه تبلور تحالف بين القوات والتيار ودولة الرئيس فريد مكاري ويسري تحالف الثنائية المسيحية على كافة أقضية الكورة. في مناطق المنية الضنية يختلط عامل العائلات مع القوى السياسية والفعاليات على الأرض إلا أن المعركة ستبقى ضمن أطرها التقليدية ولن تحمل مفاجآت قوية في هذه المناطق لكنها ستشهد معارك رد إعتبار ومحافظة على الثقل الشعبي لتيار المستقبل خصوصا للنائب أحمد فتفت في قرية سير حيث يحاول رد الصفعة التي تلقاها في 2010 من الرئيس الحالي للبلدية أحمد علم ما يؤشر إلى معركة حامية. وفي قرى السفيرة وبخعون وغيرها تخاض معارك يختلط فيها العائلي مع العشائري والحزبي والجماعة الإسلامية لذلك يتوقع أن تقتصر المعارك على مناطق محددة والتي تعد إختبارا لتيار المستقبل ولشعبيته في هذا القضاء.  

آخر جولة بطعم المسك:

  يتأمل مراقبون أن تحمل هذه الجولة الأخيرة مفاجآت على عكس ما حصل في المراحل الثلاث الأولى خصوصا للمعارك التي ستدار بين الثنائية المسيحية والعائلات. وستشكل هذه الإنتخابات نموذجا عن الحياة السياسية الجديدة في الشمال وعكار ستمهد للإنتخابات النيابية. فهل سيكون ختامها مسكا بطعم التغيير أو هو تمديد آخر بطعم أمر الواقع؟ إن غدا لناظره قريب.