ربح الحزب الشيوعي نفسه بعد أن خسر تاريخه على يدّ من ألقوا القبض على أمانته العامة لسنيين طويلة وجعلوه بضاعة مُزجاة لصالح تجّار السوق السياسي الطائفي بعد أن أتلفوا البيان الماركسي ومناشير الثورة على الاقطاعين السياسي والديني وحاولوا أن يبنوا على جسره المعلق بحبال العمال مصالح شخصية انتفع منها جلّ المسؤولين في صفوفه الأولى .

لقد ربح الحزب عندما فاز في الانتخابات البلدية من حيث رفضه للطاعة الشيعية ولعصاه الغليظة وخرق اللوائح المعلبة في أكثر من قرية كدلالة واضحة على ضرورة التغيير في السلوك السياسي لأدوات القهر والاختزال .

هكذا شعر المناضلون الشيوعيون لحظة فوزهم بعدم انخراطهم في المشروع الطائفي وبعد أن فقدوا أدوارهم بفعل فاعل معلوم داخل جهاز الحزب وهكذا بدأوا أيام مجدهم كنخبة حيّة تستشعر الاهتمام بالقضايا الوطنية والدفاع عنها كونها مسؤولية المناضل في مجتمعه .  

المجدد حنا غريب

لقد وقف حنا غريب يوم الاستحقاق البلدي الجنوبي وقفة مماثلة لوقفات أمينه العام الثابت ورمزه التاريخي جورج حاوي وقال أن الحرب ضدّ الفساد والمفسدين قد بدأت وأن الخيارات الشعبية ستزداد باستمرار فخرجت لملاقاته قرى لم تتعرى بعد من ثوبها الشيوعي وتمكنت من كسر القيود وفازت برصيدها كقوة تمثيلية لجنوبين لم تغريهم الطائفية بشيء على الاطلاق .

اذاً نخن أمام مرحلة حزبية شيوعية جديدة بقيادة النقابي حنا غريب الذي استعاد أمس زمام المبادرة وقرر على طريقته مواجهة المسؤولين عن أزمة الحرمان الجديد في لبنان من قبل طبقة سياسية لا يصلح التعاطي معها بالركوع لها كما كان حال أحزاب العلمنة ومن تبقى منهم ومن المحتشدين داخل أقفاص الطوائف .

ما شهد الجنوب من تغيير جذري في نمط التعاطي الشيوعي مع الاستحقاقات الدستورية والسياسية من شأنه أن يوفر فرص التنشيط للكسل السياسي في منطقة لطالما كانت خصبة وورش أعمالها الاجتماعية والسياسية مفتوحة باستمرار على حاجات الشعوب لتحسين شروطهم الاقتصادية .

  مابين حدادة وحنا غريب:

ما بين حدادة وحنّا حزب يحتاج الى اعادة تدوير كيّ يصلح للعودة الى الحياة بمسؤولية وكفاءة عالية خاصة وأن الظروف الاجتماعية والاقتصادية مشجعة شيوعياً باعتبار أن الشيوعيين يحيون من رحم البؤس وبالتالي فان وجودهم مبرر لهم تاريخياً باعتبارهم الكتلة التاريخية الموكل اليها مهمّة التغيير السريع في البنية الفوقية تماماً كما هو حال الحزب الطبقي المسؤول عن احداث تغيير جذري في البنية التحتية .

حتى الآن يبدو أن الأمين العام للحزب الشيوعي النقابي حنّا غريب مستعد للذهاب الى موقعه الطبيعي كحزب أممي طليعي رغم تواضع امكانيّاته الاّ  أن النضال مراكمة في ساحة يحتلها النصّ الماركسي رغم ضموره وهذا ما سيدفع بمزيد من الصحوة النضالية لرفاق كانوا في عداد الموتى زمن خالد حدادة وباتوا مع نصرهم الأول أكثر التزاماً والتصاقاً بمشروع غير طائفي او منحاز لصالح حيتان السلطة .