رجل عجوز جاوز السبعين من قرية بريتال البقاعية وسكان حي الريش في مدينة الشمس بعلبك، فهو المقاوم /علي فرج/الذي كان ضمن مجموعة في قرية المالكية الفلسطينية التي تقع على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة والقريبة من بلدة عيترون الجنوبيه عندما شنت القوات الإسرائيلية في الخامس عشر من أيار عام 1948 هجوما خاطفا للأستيلاء على تلك القرية الحدودية والتلال المحيطة بها، فتصدى لها يومها الملازم أول في الجيش اللبناني محمد زغيب مع كافة عناصر السرية التي كان قد باشر بإعدادها من المقاومين البقاعيين والجنوبيين وكان في مقدمتهم الشهيد معروف سعد وعلي فرج وقاومها مقاومة يشهد لها التاريخ، أدت إلى فشل الهجوم وتكبيد الاسرائيليين عشرات القتلى والجرحى وانسحاب ما بقي منهم يجرون اذيال الخيبة والهزيمة. 

  المقاوم العجوز :

ويقول النائب الشهيد معروف سعد عن المقاوم العجوز علي فرج الذي كان إلى جانبه في معركة التصدي للقوة الإسرائيلية المهاجمة. أنه استأسد في معركة المالكية وقتل اثني عشر جنديا صهيونيا. ويصف سعد وقائع المعركة بقوله.

وكان على مقربة مني الفدائي العجوز الشهيد علي فرج. وانني لا أزال أذكره وهو يضحك عند كل إصابة يقتل بها إسرائيليا ويقول اشهد يا معروف هذا واحد..... اثنان..... ثلاثة..... حتى عد سبعة، واصابته رصاصة اسكتت مدفعه فاقتربت منه وقد نام على مدفعه وهو يتمتم.... الحمدلله الذي أنعم علي بالشهادة وشرفني بها .

  هذا هو الشهيد علي فرج الذي تتذكره تربة الأرض التي دافع عنها في فلسطين. والذي كان سابقا قد شارك على رأس مجموعة في قتال الجيوش الفرنسية التي احتلت البلاد السورية ودخلت منطقة البقاع فتحركت النضالات السياسية والعسكرية في مدينة بعلبك ومنطقتها ضد الفرنسيين للمطالبة بالاستقلال ورفضها للانتداب الفرنسي. 

  مصادرة العمل المقاوم:

وهذا الشهيد الذي طواه النسيان وتراكم غبار الزمان على سيرته الجهادية، لكن بطولاته وتضحياته الراسخة في صفحات حياته كانت أكبر من ان تمحى من الذاكرة على الرغم من محاولات بعض القوى السياسية والحزبية اليوم احتكار العمل المقاوم ومصادرة شرف الجهاد ضد الاحتلالات الأجنبية والاعتداءات الصهيونية.

وذلك من خلال العبث بالتاريخ وطمس حقبة من عمر الوطن شهدت أعمال خارقة لبعض المقاومين الشجعان الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن الأرض التي ارتوى ترابها بدمائهم الزكية ضد الغزاة المحتلين، فاستحقوا مرتبة الشهادة التي اكرمهم الله بها.

إذ ان مقاومتهم كانت خالصة لوجه الله، وبعيدة عن أي حسابات سياسية. فكانت ثمارها تصب في مصلحة المشروع الوطني الذي يتسع لكافة أبناء الشعب اللبناني على اختلاف اتجاهاتهم الحزبية وانتماءاتهم الطائفية والمذهبية وتلاوينهم القومية، وهذا بخلاف المقاومة التي تفرزها الأحزاب السياسية وتحتكرها لنفسها.

فهذه الأحزاب تحاول إستثمار المقاومة وتجيير نضالات أبنائها  وجهادهم ودماء شهدائها لحساباتها الخاصة والضيقة. فتحولها سلعة للمتاجرة بها، وتحرك عملياتها العسكرية وفق مصالحها وخدمة لمشروعها المرتبط بمشاريع خارجية ولو على حساب المصلحة الوطنية. فتضيع المقاومة في متاهات الصراعات الداخلية والمعادلات الإقليمية حيث يتم استخدامها كورقة للابتزاز كما يتم اليوم استخدام المقاومة الإسلامية كأداة منفذة لمشروع حزب الله المرتبط بالمشروع الإيراني التوسعي.   

حزب الله واحتكار المقاومة:

فحزب ألله الذي احتكر المقاومة لعقود ومنعها عن باقي أفراد الشعب اللبناني فأنه يسعى إلى ترسيخ مفهوم للمقاومة يطمس من خلاله التاريخ النضالي لمقاومين ضحوا بأنفسهم على مذبح الحرية ويختصر سيادة واستقلال البلد بيوم الخامس والعشرين من أيار كيوم للتحرير.

مع الإشارة إلى أن هذا اليوم هو مناسبة لدخول البلد في فراغ رئاسي يتحمل حزب الله مسؤولية استمرار هذا الفراغ الذي دخل عامه الثالث.