الهجرة كابوس لطالما لاحق الشباب اللبناني، الذي أيقن حكمة الإمام علي (ع): الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن. 

هي الهجرة التي هدفت إلى كسب الرزق والتجارة، تحوّلت مع مرور العقود إلى إغتراب طويل جراء الوضع الأمني المتردّي وبحثاً عن واقع معيشي أفضل،  وضبوا أمتعتهم، وودعوا عائلاتهم وسافروا إلى بلاد الغربة، هي تجربة مريرة مرّ بها جميع المهاجرين حاملين راية العيشة الحذرة في الغربة أرحم من العيشة التعيسة في لبنان، وهم لم يعلموا بالمخاطر إلا أن لا حول ولا قوة في بلدهم الذي لا يؤمن لهم فرصة عمل يقتاتون منها.

إلى ذلك، أظهرت دراسة أجرتها جامعة القديس يوسف، تناولت فيها هجرة الشباب بين العام 1992 و2007، أن الشباب المهاجرين لا يرغبون في العودة إلى لبنان حيث بلغت نسبة هؤلاء 54% من مجموع الشباب المهاجرين، في حين تبيَّن أنَّ نسبة الذين ينوون العودة لا تتجاوز الـ 18%. 

وتفيد أيضاً الأرقام الصادرة عن الدولية للمعلومات وفق دراسات أجريت من عام 1998 إلى 2015 ارتفاع المتوسط السنوي للهجرة من 13 ألف إلى 45 ألف منذ العام 2011 تزامناً مع اندلاع الأزمة السورية.

ويقدَّر عدد اللبنانيين المقيمين في الخارج كمهاجرين بصورة موقتة ومن يحملون الجنسية اللبنانية دون سواها بحسب الدولية للمعلومات مليون و300 ألف.

هناك دوافع تمنع الشباب اللبناني من العودة إلى أرض الوطن فقد أصبحوا يشعرون بنوع من الإشمئزاز عندما يسمعون نوابهم بقولون إنّ الحل والربط في لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية مرتبط بقرار خارجي فهل من الممكن الانتماء إلى بلد يقول مسؤولوه بأنهم لا يستطيعون القيام بأيّ شيء سوى تعبئة جيوبهم من جيوب المواطنين وعنائهم، إضافةَ إلى ذلك الوضع الأمني في الوطن الأم رصاص من السلاح المتفلت وخطر الأزمة السورية وتواجد داعش في المنطقة ولا ننسى غياب الإستقرار السياسي والأمني والمصرفي، بالإضافة إلى إزدياد في معدلات البطالة تحثُّ كثراً إلى البحث عن فرص أفضل خارج الـ 10452 كيلومتر مربع، يأس من الواقع يتجلى تمرداً عبر الهجرة.

إن الحياة تنقضي وتمر بسرعة مذهلة، إننا في سباق مع الزمن.. فمتى سوف تعودوا ؟؟