على الرغم من إصدار “حزب الله” عدداً من البيانات بشأن مقتل قائد قوات الحزب في سوريا مصطفى بدر الدين وعلى الرغم من خطاب أمين عام الحزب حسن نصر الله، ما يزال الكثير من الغموض يلف مقتل القيادي الأبرز في الحزب.

وللحديث عن تداعيات إعلان الحزب كان لـ “كلنا شركاء” اتصال مع الصحفي اللبناني فداء عيتاني والمعروف عنه قربه من “حزب الله” في فترة ما قبل الربيع العربي، كما يعتبر من أهم مناصري ثورة الشعب السوري في لبنان، وكان معه هذا الحوار:

في البداية، كيف تنظر للعرض العسكري لحزب الله في سوريا وهل هي رسالة موجهة للمجتمع الدولي؟

إن استعراض القوة والاستقرار الذي قدمه حزب الله في السيدة زينب جنوبي دمشق إثر مقتل قائده الجهادي مصطفى بدر الدين (ذو الفقار) موجه إلى الخارج السوري طبعا، وهذه المرة الى كل من يعنيهم الأمر في سوريا، طبعا ليس اسرائيل ولا الداخل اللبناني أو السوري، وتكامل مع كلمة للأمين العام للحزب، الذي أكد أنه سيرسل المزيد من القادة والمقاتلين وسيبقى في سوريا، ما يعني ان محاولات (ما) تجري لإخراج الحزب من سوريا، وهي لن تجدي.

طبعاً المحاولات ليست في المواجهات العسكرية، ولا بيد من يدعوهم التكفيريين، لا بد أن الأمين العام واستعراض القوة موجهين إلى محاولات غير مرئية من قبل المتابع العادي، ولنا عودة في يوم قريب الى هذه النقطة.

هل تتوقع ان مقتل قادة الصف الاول سوف تؤثر على حجم مشاركة الحزب في سوريا؟

إن حزب الله قد غرق نهائيا في الوحل السوري، وطبعا إيران كذلك، فيما لا تزال روسيا تخوض رويدا رويدا لحد اللحظة، وبالتالي فان ما يقوله أمين عام حزب الله حسن نصر الله حول وجوده في سوريا أصبح حقيقة، بمعنى ان لا بديل بالنسبة له عن مواصلة القتال وإرسال المزيد من المقاتلين، وإلا فالعاقبة بالنسبة له وخيمة، وهي انهيار جدي في كل منظومة الحزب العقائدية والإعلامية والأمنية، وأهمها انهيار ما بنى الحزب كل دعايته عليه اي الانتصارية المعطاة من الله والنابعة من حداثوية في مراكمة خبرات القتال.

إن المنشآت التي أعدها ويعدها الحزب في سوريا تشير إلى أنه سيمضي مع الحرس الثوري والجنود الإيرانيين عقوداً كقوة احتلال لسوريا، على الأقل هذه هي الارادة الإيرانية بغض النظر عما إن كانت ستنجح والحزب في مسعاهما أم لا.

مقتل قائد قوات الحزب في سوريا هل سيكون مؤثر على الحزب؟

نعم ولا شك أن مقتل قياديين في الصف الأول للحزب يحمل تأثيرات على أداء الحزب، إلا ان الاعتقاد يسود بان حالة من التراجع ستسود، في الحقيقة هذا لن يحصل، سيكون هناك المزيد من الإرباك الداخلي، وسيمر الحزب في مرحلة من الصراع من أجل وراثة الاجهزة الأمنية والعسكرية، وسيتراجع بعض أدائه في مفاصل معينة، وسيتمكن أعداؤه من تنفيذ المزيد من الخروقات الأمنية في جسم الحزب وخاصة قياداته، إلا ان ما سيحصل في النهاية أن ضباط المراقبة الإيرانيين وبعض الشخصيات الرئيسية في الحزب ستمسك بزمام الامور، وتحافظ على المسار الرئيسي سليما، خاصة المسارين العسكري والأمني، إن انهيار حزب الله لا يكون عبر عمليات اغتيال لبعض قادته.

من وجهة نظرك لماذا حصل تضارب بالروايات حول مقتل مصطفى بدر الدين؟

طبعاً البيانات الثلاثة الأولية التي أصدرها الحزب، وبيان نتائج التحقيقات بمقتل ذو الفقار، أتت ملفقة بالكامل، وظهر حسن نصر الله ليخبرنا بأن الحزب صادق والحزب لا يكذب، ليزيد من أسباب الشك بما جاء في البيانات، السبب الرئيس أن الحزب تعرض لهذه الضربة من حيث لم يحتسب، وربما هي من المرات النادرة التي يتعرض فيها الحزب لعملية مشابهة من حيث لا يحتسب ولم يعد العدة.

هل تعتقد أن الحاضنة الشعبية للحزب مستعدة لدفع ثمنٍ أكبر نتيجة مشاركة الحزب في القتال على الأراضي السورية؟

لم يغرق حزب الله وحده في الوحول السورية، لقد جرّ إلى هناك طوائف واتجاهات سياسية لبنانية، وبات الخروج من ذاك الوحل أمرا متعثراً، لم يترك خلفه حبل إنقاذ لسحب نفسه، أو السماح لأيٍ كان من الانسحاب من هذه الرمال، لقد بات الصراع صراعا تناحريا، على الأقل هذا ما يتخيله كل جمهور حزب الله، فإما أن ينتصر الحزب في سوريا، وإما، وبحسب دعاية حزب الله، سيأتي التكفيريون لذبح نساء واطفال الشيعة والمسيحيين وغيرهما في لبنان.

إن الحاضنة الشعبية، التي يتم تلقينها يومياً وهمي الخوف، وهو خوف وجودي، والانتصارية وهي انتصارية متخيلة، لا ترى طريقا أخرى، ولا أطرافا أخرى تمد لها حبل النجاة من المصير المتخيل بحال خسارة الحزب في سوريا.

كيف تقيم موقف اللبنانيين من الثورة السورية، والموقف العكسي أيضاً؟

قد لا يعجب كلامي الكثير من أصدقائنا السوريين، وعلى الرغم من معرفتي التامة بما تمارسه القوى الامنية في لبنان تجاه اللاجئين، وعلى الرغم من معرفتي بالفظائع التي يرتكبها الحزب في سوريا، فأعتقد انه لا بد من اعتماد خطاب اخر تجاه اللبنانيين، وخاصة تجاه تلك الفئات التي تصر على دعم حزب الله، خطاب يفيد بأنه من العبث محاولة استعادة الماضي، فالنظام قد سقط، وحزب الله يجر الجميع إلى التهلكة، والثورة السورية ليست بوارد ملاحقة اللبنانيين، وإن الخائفين منها ليس لديهم أسباب واقعية، كما أن التطرف الذي يشاهدونه هو مشكلة للسوريين ولثورتهم، قبل أن يكون “غولا” مخيفا لبعض الفئات اللبنانية.

أعلم أن ذلك قد لا يؤدي إلى نتائج فورية في وقف دعم جمهور عريض لحزب الله، ولكن في النهاية التفوق الوحيد الذي تملكه الثورات هو التفوق الاخلاقي والوعي بمصالح الناس.

 

المصدر: كلنا شركاء