رسالة جوية متفجرة أرسلتها إحدى الجماعات الإرهابية إلى مصر أولا وفرنسا ثانيا والمجتمع الدولي أخيرا عبر طائرة إيرباص 320 تابعة لشركة الخطوط الجوية المصرية.

كانت متوجهة من مطار شارل ديغول في باريس إلى مطار القاهرة الدولي وعلى متنها 56 راكبا إضافة إلى عشرة من طاقمها، وسقطت في مياه البحر المتوسط بعد دخولها المجال الجوي المصري بعشرة أميال. 

وقد تمكنت القطع البحرية والطائرات المشاركة في عمليات البحث عن حطام الطائرة من العثور على بعض المتعلقات الخاصة بالركاب والحقائب وأجزاء من حطام الطائرة على مسافة 290 كيلومتر قبالة سواحل مدينة الإسكندرية وهي تستكمل أعمال البحث والتمشيط وانتشال ما يتم العثور عليه. 

وجاءت فاجعة الطائرة في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها مصر جراء انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، ما رفع من معدلات التضخم وسبب ارتفاعا في أسعار غالبية السلع وخصوصا المواد الغذائية. 

وكذلك فإن قطاع السياحة تكبد خسائر ضخمة قدرها رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل في شهر آذار الماضي بنحو مليار ومائتي مليون دولار من جراء حادث سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء في نهاية شهر تشرين الأول الماضي وعلى متنها 224 راكبا إضافة إلى طاقمها، واجلت روسيا وبريطانيا آنذاك آلاف السياح من المنتجعات المصرية في شرم الشيخ. 

وقد يكون من السابق لأوانه الجزم بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفجير الطائرة المصرية المنكوبة سيما وأن التحقيقات تتطلب وقتا طويلا لجلاء الحقيقة، وأن القاهرة لا تستبعد اي فرضية، لكنها رجحت ان يكون وراء التفجير هجوم إرهابي سبب سقوط الطائرة، وشككت في مسألة العطل الفني أو الخطأ البشري، وطلبت عدم استباق نتائج التحقيقات في كل الأحوال.

  وقد التقى خبراء ومحققون فنيون مصريون ثلاثة محققين فرنسيين وخبيرا فنيا من شركة إيرباص وصلوا إلى القاهرة للمشاركة في عمليات الفحص الفني ويشارك محققون من مكتب التحقيقات والتحليلات الأمنية في هيئة الطيران المدني الفرنسي في التحقيقات الفنية، وستترأس مصر لجنة التحقيق الدولية في الحادث،  رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري قال أن أسباب سقوط الطائرة ستكون حاسمة في تحديد الآثار والوجهة السياسية للحادث.

ولو أن ردود الفعل المبدئية أظهرت تضامنا مع مصر،  العالم كله مهتم بكشف أسباب الحادث المأساوي، إذ لو ثبت أنه جراء هجوم إرهابي، فهذا يحتم على المجتمع الدولي أن يقف عند مسؤولياته، فالرضوخ للإرهاب سيمثل هزيمة كبيرة للعالم المتحضر.

ذلك ان العمل الإرهابي يلقي بتبعاته ليس على مصر وحدها أو فرنسا وحدها بل على العالم بأسره سيما وأنه لو ثبت أن الجماعات الإرهابية / وهو الأرجح / تمكن من إختراق الاجراءات الأمنية الفرنسية، فمعنى ذلك ان تلك الجماعات تتبع أساليب حديثة ما يضع المجتمع الدولي بأسره أمام تحد كبير جدا.

وسيشكل الحادث المؤلم نقطة تحول في الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب، وسيكون العالم مطالبا بالوصول إلى أساليب جديدة لمحاربته، أولها عدم رضوخ الحكومات للتهديدات الإرهابية وتظهر تحديا لها. 

وإذا كان البعض يرى في نكبة الطائرة المصرية رسالة إرهابية للقاهرة او لباريس او لكليهما إلا أن الواقع فهي رسالة تحد للعالم أجمع، وعلى المجتمع الدولي ان يكون على مستوى التحدي وذلك بتشكيل تحالف دولي لاستئصال هذه الظواهر الارهابية من جذورها