يصح تماما وصف التحالف بين أمل وحزب الله ونظرا للامكانيات الهائلة التي يتمتع بها هذا التحالف بالمحدلة، وأن أي حديث عن الوقوف بوجهها وقدرة فرلمتها هو حديث أقرب ما يكون الى الخيال الذي لا يمت للواقع بأي صلة ، وهذا ما اثبتته النتائج بغض النظر عن بعض الخروقات البسيطة هنا وهناك .

ليبقى السؤال الذي على اساسه يجب مقاربة نتائج الانتخابات في الجنوب وهو عن الضرورة الموجبة للتمسك بهذه المحدلة والحاجة اليها وطبيعة دورها والهدف من استعمالها. 

قد نفهم أن يتحالف حزب الله وحركة امل في انتخابات نيابية تفرز ممثلين الى البرلمان النيابي يحملون معهم توجه سياسي متفق عليه بين الطرفين ولا يسمحون لأي تمثيل آخر لا يعكس حقيقة التوجه العام للناخب وبالتالي فالمحدلة حينئذ هي ضرورة تخدم مشروع الخط العام وتحميه من أي تحول يخشى منه .

أما أن تحول وظيفة هذه المحدلة الى آلة ضخمة تسير في القرى والبلدات والدساكر لتحدل اهلها وابنائها وحلفائها وجمهورها فقد تتحول كما حصل بالجنوب هذه الايام الى ماكينة قاتلة ومجرمة ولا ينظر اليها والى مشغليها الا بوصفهم خصوم شرسين الى حد الاعداء وهذا تماما ما لا ينتبه اليه حزب الله وحركة امل .

والمضحك المبكي في هذا السياق هو الجواب الذي يمكن ان تحصل عليه في حال طرحت السؤال عن ضرورة هذا التحالف وما هي الاسباب الموجبة والغاية منه على أحد طرفيه ليكون جواب موحد وبديهي من كليهما، بأن البديل عن هذا التحالف هو شلال الدم المتوقع داخل القرى والمدن والفتنة الشيعية الشيعية التي لا بد حاصلة في حال الفرقة والتخاصم بينهما .

مما يعني أن المحدلة السيئة الذكر هي حاجة للمحدِليين أولا وبغض النظر عن الممحدَليين، وبغض النظر عن حجم من يقف بوجهها وان كانت حقيقة المواجهة تستدعيها أو لا، اذ كيف يمكن تفسير أن يواجه مجموعة من الشباب المستقل الناشط في قرية محددة بعضهم قد استدان تكلفة الترشح ولا حول له ولا قوة وبدون أن يمتلك حتى نسخة عن لوائح الشطب في القرية إلا انه يرغب عن سابق تصور وتصميم بأن يمارس حقه الديمقراطي بالترشح بدون أي خلفية سياسية هذا إن لم نقل انه لا يمارس أي نشاط سياسي حقيقي، بأن يواجه هذا " المعتر " بمحدلة انتخابية ضخمة وبامكانيات مالية واعلامية وتجييشية، والانكى من كل ذلك انه وبعد اعلان النتيجة يصار الى اطلاق النار ابتهاجا بالنصر المبين عليه !

هذه الحقيقة الصارخة التي تقول أن محدلة الثنائية الشيعية انما هي بالحقيقة دليل ضعف ودليل خوف ودليل انعدام الثقة فيما بينهما، اكثر ما تدل عن قوة وعن تحالف حقيقي، ومن هنا فقط يمكن أن نقرأ حالات التشطيب الكثيف التي تعرضت لها أسماء حركة امل في اللوائح المشتركة، وعليه فإن المستجد في انتخابات الجنوب هذا العام هو القول الصريح من معظم القرى والمدن التي شهدت انتخابات حقيقية ولوائح مقابلة للمحدلة المفتعلة : اذا كنتم يا قيادة حركة امل ويا قيادة حزب الله تخشون من بعضكما البعض، ومن أجل حماية مصالحكما لا تجدون بدا الا من خلال حدل أهل الجنوب فمن غير المسموح لكما بعد اليوم أن تحدلونا ونحن نصفق لكم .