عندما إغتيل الرئيس رفيق الحريري في ١٤ شباط ٢٠٠٥، وفي لحظة الإغتيال، توجهت فوراً أصابع الإتهام نحو النظام السوري، ولم يكن ذلك ظلماً ولا عدواناً ولا إرتجالاً، بل إستناداً إلى تاريخ هذا النظام الإجرامي وسجله الحافل بالإغتيالات السياسية في لبنان، وربطاً بالتهديدات السرية والعلنية التي ساقها النظام السوري وأبواقه ضد الرئيس رفيق الحريري قبل إغتياله، وعندما بدأت تتكشف بعض خيوط الجريمة وعندما كاد المريب أن يقول خذوني من خلال طمس معالم الجريمة والعبث المتعمد في مسرحها من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية التي كانت تأتمر مباشرةً من النظام السوري والتي إستعجلت في نقل السيارات المستهدفة بالتفجير الإرهابي إلى ثكنة الحلو، دون الرجوع إلى القضاء، ومحاولة ردم الحفرة التي أحدثها الإنفجار، ومحاولة العودة إلى الحياة العادية وكأن شيء لم يكن، كل هذه التصرفات كانت تؤكد بأن من يحاول طمس الجريمة، يقف وراءها أو شريك فيها أو يتستر عليها.

لم يُعثر حينها على أي شيء في مسرح الجريمة يقول بأن العدو الإسرائيلي هو من نفذ تلك العملية الإرهابية الرهيبة، تماماً كما هو الحال في عملية إغتيال السيد مصطفى بدر الدين كما رواها السيد حسن نصرالله في ذكرى أسبوعه، لكن المفارقة أن السيد نصرالله في عام ٢٠٠٥ عاب على قوى ١٤ آذار بأنها إستبعدت إحتمال أن يكون العدو الإسرائيلي هو من إغتال الرئيس الحريري، وأضاف بأن إستبعاد هذا الإحتمال فيه إساءة لشخص الرئيس الحريري ووضعه في مكان وكأنه غير مستهدف إسرائيلياً، وهذا معيب بحق الرئيس الحريري بحسب السيد نصرالله.

بالأمس وفي أسبوع السيد مصطفى بدر الدين، برأ السيد نصرالله العدو الإسرائيلي وإتهم التكفيريين وقال بأن العدو الإسرائيلي أنصف حزب الله أكثر من العرب الذين وصفهم بأنهم أشد كفراً ونفاقاً من العدو الإسرائيلي، وقال السيد نصرالله بأن عدم إتهام إسرائيل بإغتيال السيد بدرالدين متعلق بمصداقية حزب الله، وتساءل: كيف نتهم إسرائيل ولم نجد في مسرح الجريمة أي دليل يؤشر إلى تورطها بالعملية???!!! وبذلك، يكون السيد نصرالله فتح على نفسه باباً للعديد من الأسئلة التي تستند إلى منطقه هو وليس لمنطق أحد سواه، من هذه الأسئلة:

١- لماذا تعيب على خصمك عدم إتهام إسرائيل بالوقوف وراء إغتيال الرئيس الحريري في وقتٍ لم يُعثر على أي دليل في مسرح الجريمة يدين إسرائيل، ثم تُبرئ إسرائيل من عملية إغتيال السيد بدرالدين وتبرر ذلك بعدم العثور على أي دليل يدينها???

٢- إذا كانت مصداقية حزب الله منعتك من إتهام إسرائيل بدون دليل، ألا يحق لخصمك بأن يكون له مصداقية في توجيه الإتهامات، أم أنّ المصداقية حكر على حزب الله???

٣- إذا كان إستبعاد العامل الإسرائيلي في عملية إغتيال الرئيس الحريري فيه إساءة لشخص الرئيس الحريري بحسب منطقك، ألا ينطبق ذلك على السيد بدرالدين???

٤- كيف يكون الرئيس الحريري المتهم من قبل محوركم الممانع بأنه يقف وراء القرار ١٥٥٩، هذا القرار الذي تعتبرونه قراراً إسرائيلياً، وبنفس الوقت تتهمون إسرائيل بإغتياله، ثم تبرأون العدو الإسرائيلي من إغتيال القائد الأول في مقاومتكم مصطفى بدر الدين???

إزدواجية المعايير ليست غريبة على خطاب ومنطق حزب الله، وهذه الإزدواجية هي التي تجعل أمين عام حزب الله يعيب على خصمه ما يجيزه لنفسه ولحزبه، وهذه الإزدواجية نفسها دفعته لتبرير تدخله في الحرب السورية لحماية نفسه كحزب، وبنفس الوقت يعيب على السعودية ودول الخليج التدخل في اليمن لحماية أمنهم القومي كدول، وهذه الإزدواجية دفعته للوقوف إلى جانب الشعب البحريني وإعطائه الحق في تفجير ثورته من أجل التغيير والعيش بحرية وكرامة، وبنفس الوقت تنكّر لحق الشعب السوري بالتغيير والعيش بكرامة وشيطن ثورته وقاتله ولم يزل يقاتله ويدافع عن أعتى أنظمة الإجرام والإستبداد في العالم.