حرّك رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجمود السائد في العملية السياسية في لبنان. ففي جلسة الحوار الوطني التي عُقدت، أمس الأربعاء، طرح بري على المشاركين مبادرة لخّصها النائب في كتلة الوفاء للمقاومة (كتلة حزب الله النيابية) علي فيّاض، بثلاثة احتمالات على المشاركين في الحوار اختيار أحدها. 

" وتقضي الاقتراحات التي نقلها فياض عن بريّ بالاتفاق على قانون انتخابي جديد وتقصير ولاية المجلس الحالي، وتعهد الكتل النيابية بحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتخاب هيئة مجلس النواب مباشرة، أو إجراء الانتخابات النيابية من خلال قانون الستين الساري حالياً، وتعهد الكتل النيابية بحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتخاب هيئة مجلس النواب مباشرة. أمّا الخيار الثالث فيكمن في إجراء مؤتمر داخل لبنان شبيه بمؤتمر الدوحة (عام 2008)، يعالج كل الملفات العالقة من الانتخابات النيابية إلى الرئاسية.

وطلب بري من المشاركين في الحوار دراسة الأمر والعودة بموقف واضح في الجلسة التالية في 21 يونيو/حزيران المقبل، خصوصاً أن هناك من عارض مبادرة بري خلال الجلسة. وبحسب ما أبلغ الوزير بطرس حرب "العربي الجديد"، فإنه (حرب) والرئيس نجيب ميقاتي طرحا أمراً أساسياً، وهو ضرورة الالتزام بجدول أعمال الحوار الوطني، وفي مقدمته انتخاب رئيس للجمهورية. 

ووفقاً لحرب، فإن القبول بإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية يعني الإذعان لمبدأ تعطيل الانتخابات الرئاسية الذي سار فيه فريق سياسي (التيار الوطني الحرّ وحزب الله). وتساءل حرب عن ضمان مشاركة هذا الفريق، أو الآخر في جلسات الانتخاب الرئاسية، إذا ما كانت نتيجة الانتخابات النيابية غير مناسبة له. وهنا طرح بري ضرورة التعهّد بحضور الجلسات والتوافق على رئيس. ويسأل حرب أنّه "في حال وجدت إمكانيّة للتوافق على رئيس الجمهورية، لماذا لا يُنتخب في المجلس الحالي"؟

وتلفت مصادر المشاركين في الحوار، إلى سؤال طرحه رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجيّة على فيّاض، عمّا إذا كان يوافق على اعتماد قانون الستين الانتخابي في حال عدم القدرة على التوافق على قانون ثانٍ، فكان جواب فيّاض إيجابياً. وأكّد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم هذا الأمر في مقابلة مع موقع العهد الإخباري (تابع لحزب الله)، بقوله "أفضل قانون عادل للانتخابات النيابية هو القانون النسبي، لكن لا يبدو أن هذا القانون سيمرّ لأنّ الأطراف المختلفة في أغلبيتها لا تريده، وأغلب الأطراف ترغب بقوانين مفصّلة على قياسها حتى تحافظ على مكتسباتها". 

" وأوضح قاسم أنه "إذا لم يتم التوصل إلى قانون للانتخابات، وفي حال مرّ الوقت اللازم لإقرار القانون، سنكون أمام قانون الستين". ثم وجّه فرنجية السؤال ذاته لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل (ممثلاً النائب ميشال عون)، الذي رفض الإجابة بشكل حاسم، مع أنه أبدى قبولاً شكلياً، ثم استدرك قائلاً، "الموافقة على الفرضيّة لا تعني القبول بقانون الستين".

لكن العقبة الأبرز أمام مبادرة بري هي وضع تيار "المستقبل" بزعامة النائب سعد الحريري. فنتائج الانتخابات البلدية أثبتت أن التيار بحاجة لإعادة هيكلة داخلية، وإعادة صياغة خطاب سياسي يجمع حوله الجمهور، وهو ما يحتاج لبعض الوقت. ويتوقّع مراقبون أن يفتح هذا الأمر باب "الابتزاز" بين القوى السياسية. وترجح مصادر سياسية أن يربط حزب "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع موقفه من إجراء الانتخابات النيابية حالياً أو الانتظار حتى انتهاء ولاية المجلس الحالي في يونيو/حزيران 2017، بموقف تيار المستقبل من قانون الانتخاب، وموافقته على التعديلات التي ترغب "القوات" في إدخالها إلى القانون.

وتتوقع مصادر سياسية أن تكون مبادرة بري مستندة إلى ضغط أميركي على القوى اللبنانية لإجراء الانتخابات النيابية. وسبقه في الأشهر الماضية، ضغط أميركي واضح لإجراء الانتخابات البلدية، وعبّر دبلوماسيون أميركيون عن الأمر بطريقة واضحة. وتتزامن هذه المبادرة مع محاولة بعض القوى اللبنانية بثّ الحياة بطرحٍ يُنسب للبطريرك الماروني بشارة الراعي، يقضي بانتخاب رئيس مؤقت للجمهورية لمدة سنتين، وهو ما لم تتعامل معه أكثرية الأحزاب بجدية. كما يُطرح في بعض الأوساط ضرورة إدخال إقرار نظام داخلي لمجلس الوزراء والحدّ من صلاحيات رئيس الحكومة، وهو ما يعتبره البعض ترجمة لمبدأ المثالثة.