فرضت القرارات المالية الامريكية على لبنان ومنها قانون العقوبات المالية المتعرق بحزب الله تشكيل خلية خاصة في الحزب لمتابعة هذه القضية وأوكل الملف إلى النائب السابق أمين شري حيث عقد لهذه الغاية جملة لقاءات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف في محاولة من حزل الله للإلتفاف على هذه القرارات بالتهديد والوعيد وخصوصا بعد صدور البيان الشهير لكتلة الوفاء للمقاومة الذي رفض القرار الامريكي جملة وتفصيلا لأنّه يؤسّس لحرب إلغاء محلّية يساهم في تأجيجها المصرف المركزي وعددٌ مِن المصارف، فضلاً عن كون التزامه مصادرةً للسيادة اللبنانية النقدية”.

وبعد جملة تصريحات لنواب حزب الله ومنها تصريح النائب علي فياض  الذي اعتبَر أنّ محاولة تطبيق القانون الاميركي ستترك تأثيرات سلبية على الاستقرار في لبنان، وتكون لها تداعياتها السلبية على الوضع اللبناني برُمّته، ومنها تصريحات للنائب حسن فضل الله الذي اشار الى أنّ التعاميمَ التي تصدرُ باسمِ حاكميةِ مصرفِ لبنان تتلاقى مع تعاميم وقراراتٍ أميركية، وإنّ هناك من يحاولُ أن يفرضَ أكثرَ ممّا يريده الأميركيون”.

والنائب حسين الموسوي الذي اعتبر أن المؤسّسات المصرفية التي بدأت تستجيب لهذه الإملاءات (القانون الأميركي) إلى مخاطر هذا السلوك، مُذكّراً “الحكومة اللبنانية بمسؤوليتها عن شعبها وعدم التفرّج على استهداف المقاومة التي حفظت سيادة الدولة ومؤسّساتها بدماء شهدائها وتضحيات أهلها بما ملكوا من الأموال والأنفس”.

هذه المواقف وغيرها التي اتخذها حزب الله عبر التهديد والوعيد والتي ظهرت جلية في بيان كتلة الوفاء للمقاومة والتصريحات الصادرة عن نواب الحزب استعجلت حاكم مصرف لبنان لإصدار توضيحات حول القرارات الامريكية .

وقالت مصادر متابعة لملف العقوبات على “حزب الله” وإجراءات مصرف لبنان بهذا الشأن، إن بيان حاكم المصرف رياض سلامة الأخير “فتَح ثغرةً أساسية لتسوية حول حسابات “حزب الله”، لجهةِ معالجة التداعيات الناجمة من إقفال بعض هذه الحسابات”.

ورأت هذه المصادر نفسها في تصريحات سلامة إلى صحيفة “الجمهورية“، أنّ “الحلّ يَكمن في تحرّك عاجل لحاكم مصرف لبنان بعقدِ جلسة عملٍ طارئة وسريعة مع المسؤولين الأميركيين شارحاً حقيقة الوضع في لبنان، وأنّ نوّاب الحزب انتخبَهم اللبنانيون ويمثّلون ثلثَ الشعب اللبناني، وبالتالي لا يمكن إسقاط هذا التعميم عليهم ووضعُ ثلثِ الشعب اللبناني على لائحة الإرهاب، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة الاميركية تنادي دائماً بالديموقراطية وتمثيلِ الشعوب في البرلمانات”.

وقد لاقى اقتراح سلامة استحساناً لدى “حزب الله”، من دون أن يعني ذلك أنّه يشكّل حلّاً للقضية. وقالت مصادر مطّلعة على موقف “الحزب” لـ”الجمهورية”، إنّ “بيان حاكم مصرف لبنان نعتبره خطوةً إيجابية من شأنها إيجاد ثغرة وتساعد على إيجاد علاج للمشكلة الناشئة”.

وفي السياق نفسه، أفادت معلومات لصحيفة “السفير“، أن اجتماعا سيعقد بعد ظهر اليوم بين النائب علي فياض والنائب السابق أمين شري عن “حزب الله”، وجمعية المصارف، في مكتب فياض في مجلس النواب، سعيا الى التوافق على مقاربة مشتركة للتحدي المالي الذي فرضته الاجراءات الاميركية.

وسيصارح وفد الحزب جمعية المصارف بالمخاوف التي رتّبها نمط تعاملها مع القانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية، وسيتداول معها ببعض الافكار الهادفة الى معالجة سليمة لهذا الملف، كما سيدعوها الى تحمل مسؤولياتها في حماية الاستقرار الاجتماعي وعدم الايغال في اتخاذ تدابير مالية مجحفة بحق مواطنين لبنانيين.

وذكرت أوساط سياسية مطلعة على موقف “حزب الله” لـ”السفير“، أن الحزب يعتبر ان الكرة اصبحت في ملعب المصارف بعد البيان الصادر عن سلامة، والذي يشدد فيه على وجوب مراجعة هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي قبل ان يبادر أي مصرف الى اقفال أي حساب.

واشارت الاوساط نفسها الى ان المصارف تبدو في هذه اللحظة امام خيارين، فإما ان تتقيد بما صدر عن سلامة البارحة، وإما ان تواصل الاجتهاد في تفسير القانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية وبالتالي تتعاطى باستنسابية ومزاجية مع شريحة واسعة من اللبنانيين، وعندها تصبح في مواجهة مباشرة مع “حزب الله” من جهة ومع المصرف المركزي من جهة أخرى.

وأكدت الاوساط المطلعة ان المصارف مدعوة الى الالتزام بما ورد في بيان سلامة، معربة عن خشيتها من ان يلجأ بعضها الى التنصل من الضوابط التي حددها حاكم المصرف المركزي، علما انها يجب ان تكون ملزمة بمراعاة هذه الضوابط، باعتبار ان المصرف المركزي هو المعني بضبط السياسة النقدية وسلوك المصارف.

وعلى رغم أنّه لم يصدر حتى الآن أيّ موقف رسمي أميركي حيال ردّةِ فِعل “حزب الله” على القانون، لفتَ أمس موقف للسفارة الأميركية في بيروت، نسَبته وكالة “رويترز” إلى مصادر السفارة، قالت فيه إنّه “بينما لا نزال نتوخّى الحذر في محاولاتنا لعزلِ “حزب الله” عن النظام المصرفي العالمي، فإنّنا سنفعل ذلك بطريقة تحمي الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي قدرَ الإمكان. هذا الأمر لن يستهدف الأبرياء”.