بعد مرور 68 عاماً على النكبة، تشهد القضية الفلسطينية بحسب مختصين في الشأن الفلسطيني، "تراجعاً واضحاً" في الإهتمام على المستوى العربي المفكك والمنشغل بنفسه، فيما يحاول الشعب الفلسطيني أن يحافظ على هويته الوطنية، رغم تشتت قيادته السياسية.

حلقة مفرغة

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ناجي شراب، إنّ "القضية الفلسطينية كقضية سياسية مشروعة، في حالة من التراجع الواضح والكامل والإنصهار والتذويب، على طريق التخلص منها على المستويين الإقليمي والدولي، لأنّ العبرة في نهاية الأمر بالنتائج".

وأوضح أنّ "ما يقوم به الإحتلال الإسرائيلي تسبب في نكبة متجدّدة للشعب الفلسطيني، تهدف لمصادرة قضيته وحقوقه". لكنه أشار إلى أنّ "الإنجاز الكبير بعد 68 عاماً من النكبة، هو حفاظ الشعب الفلسطيني على هويته الوطنية، وتواجده واستمراريته على أرضه"، معتبراً أنّ "هذه رسالة قوية لإسرائيل".

وحول كيفية الحفاظ على هيبة القضية الفلسطينية، شدّد شراب على أنّ "الخطوة الأولى يجب أن تكون فلسطينية من خلال إعادة بناء المنظومة السياسية والكيانية والمؤسساتية (منظمة التحرير ومؤسسات السلطة) على أسس توافقية وطنية، وبلورة مشروع وطني مرحلي متدرج، وتحديد أهداف واقعية وآليات قابلة للتنفيذ"، وفق قوله.

نواة الدولة

ومع استمرار الإنقسام الفلسطيني، يرى أستاذ العلوم السياسية أنّ "هذه الحالة تمهد لمرحلة الإستقلالية والإنفصال الكامل"، معبراً عن اعتقاده بأنّ "الإحتلال يعمل على أن تكون غزة هي نواة الدولة الفلسطينية في المستقبل، بحيث تُربط الضفة الغربية بكونفدرالية أو بشكل ما من التنسيق مع الأردن". ورأى أنّ "المستقبل القريب يوعز أن القضية الفلسطينية، تذهب إلى الانصهار في بوتقة مشروع دولي إقليمي بعيدا عن الإطار الفلسطيني".

من جانبه، يتفق الكاتب والمحلل السياسي سميح شبيب، الذي ولد عام النكبة الفلسطينية في حي العجمي الواقع جنوب مدينة يافا المحتلة، مع ما ذهب إليه شراب، موضحاً أنّ "الوقت الحالي يشهد تراجعاً واضحاً في الإهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، في ظل الوضع العربي المفكك، وجامعة الدول العربية المتراجعة". لكنه أكّد في المقابل أنّ "الإهتمام الدولي بالقضية لم يتراجع، ويمكن أن نلمسه بوضوح من خلال الإدراك الأوروبي بأنه دون تسوية القضية ونيل الفلسطينيين لحقوقهم المشروعة، ستبقى بؤر الصراع متأججة في الشرق الأوسط على نحو كامل".

صراع وجودي

وأشار شبيب إلى أنّ "واقع القضية الفلسطينية الحالي هو "أفضل مما كانت عليه ما بين عامي 1948 و1964، حيث سلبت الشخصية الوطنية الفلسطينية نهائيا"، لافتاً إلى أنّ "الشخصية الوطنية حاليا، موجودة ومتجسدة في الفصائل الفلسطينية المختلفة، بعدما غُيّبت عن الساحة العربية والدولية"، وهو ما اعتبره شبيب "إنجازا كبيراً".

ويلفت شبيب إلى أنّ "القضية الفلسطينية على ضخامتها وتاريخها، تحتاج إلى أدوات قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني، المتقدم على قيادتيه"، معتبراً أنّه من المهم أنّ "يعمل الشعب الفلسطيني على تجديد قيادته وأدواته، ليتمكن من نيل حقوقه على نحو كامل". وأضاف: "لا يمكن لأيّ شعب في العالم أن يحقق حلمه بإقامة دولته، وقيادته منشقة على ذاتها"، محذرا من أنه "دون نيل الحقوق الوطنية الفلسطينية، سيتبدد ويذوب شيء اسمه الكيانية السياسية الفلسطينية".

ويُحيي الفلسطينيون في الداخل والشتات، هذه الأيّام، الذكرى الثامنة والستين للنكبة، من خلال إقامة العديد من الفعاليات التي تؤكد على حق العودة وتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، مع التذكير بالمجازر التي ارتكتبها العصابات الصهيونية عام 1948، وتجاوز عددها 70 مجزرة، بحق المدنيين الفلسطينيين، كما استولت على 774 مدينة وقرية، وشردت أكثر من 957 ألف فلسطيني من أراضيهم إلى مختلف أنحاء العالم. وما زال الاحتلال يسيطر على أكثر من 85 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

(عربي 21)