علّق المسؤول السابق الكبير جداً نفسه، الذي شارك بفاعليّة في محاولة معالجة الأزمات المتنوّعة في الشرق الأوسط داخل "الإدارة" المهمّة نفسها في الإدارة الأميركيّة، على تأكيدي أن زعيم روسيا بوتين نجح في سوريا لأنّه وضع خطّة ورسم أهدافها وحقّقها، قال: "ماذا أستطيع أن أقول. هذا صحيح. لم تكن لأوباما خطّة. ما يُقال عن الإنذار النهائي (Dead line) الذي وجّهه رئيسنا عام 2013 والذي هدّد بواسطته بضرب (قصف) بشار الأسد صحيح. لم يكن مطلوباً منه القضاء على الأسد بل القيام بعمل ما يُعطي إشارة لحلفائه في المنطقة وخصوصاً العرب منهم أنّه إلى جانبهم ولن يتخلّى عنهم، ويُعطي إشارة إلى إيران التي كان يتفاوض معها على النووي سرّاً وعلانية أنه لن يسمح لها بالانتصار على حلفائه وتنفيذ مشروعها الإقليمي. لم يفعل شيئاً. ماذا سيحصل في سوريا في رأيك؟" سأل. أجبتُ: أعتقد أنها سائرة في اتجاه التقسيم الواقعي في انتظار التسوية التي تُنهي الحروب فيها وتؤسّس لنظام جديد يُلبّي تطلّعات مكوِّناتها وطموحاتها. وعندما تنضُج التسويات بين أميركا وإيران والسعوديّة قد تنشأ فيديراليّة ضعيفة. علّق: "يعني مثل لبنان". ردّيت: تقريباً. لكن في لبنان طُبّقت فيديرالية من فوق أي لم تشمل الجغرافيا. والسبب استمرار التداخل في المناطق بين مكوّناته رغم "التطهير" الذي شهده في حروب 1975 – 1990. علّق: "أعتقد أن ذلك سيحصل". قلت: أعتقد أن الوصول إلى إعلان الفيديراليّة أو التقسيم في سوريا لا بدّ أن يسبقه إمّا تفاهم فعلي محلي – إقليمي – دولي وإمّا حرب ودم. ذلك أن السنّة وهم غالبيّة فيها لن يقبلوا كانتوناً في فيديراليّة أو دولة ليس لها منفذ بحري ولا تكون دمشق عاصمتها. والحرب التي أشرتُ إليها قد تكون في مناطق لبنانيّة. ردّ: "أنا معك لأن الحل في لبنان يرتبط بالحل في سوريا". ثم انتقلنا إلى الحديث عن إيران وأخبرته عن نظرتي للأوضاع فيها وأشرت إلى أن المرشد سيقود الانفتاح على الغرب وأميركا لكن بعدما يضمن حماية النظام الإسلامي فيها. لهذا السبب يركّز حالياً على القيم الإسلاميّة وضرورة المحافظة عليها. علّق: "إنه شكّاك في أميركا ولا يزال يخشى أن يكون موقفها الفعلي تغيير النظام الحالي في بلاده. لذلك لا أعتقد وخلافاً لرأيك أنه سيكون الرجل الذي يُنجز عملية التفاهم أو الانفتاح على أميركا رغم أنه يقود عملية التوجّه نحوه. ويعني ذلك أن هذا الأمر سيحتاج إلى سنوات كي يتحقّق، إذا تحقّق". علّقت: الإيرانيون معروفون بالقدرة على الصبر. خُذْ حياكة السجّاد العجمي مثلاً على ذلك. اليوم قلت لصديقٍ لك كان صاحب مركز مهمّ في "إدارة" مهمّة بدورها: يجب أن تتعلّموا حياكة السجّاد كي تتعلّموا الصبر وتمارسوه.
انتقل الحديث مع المسؤول الأميركي السابق الكبير جداً نفسه إلى مصر، فقال: "ان رئيسها عبد الفتاح السيسي ذكي أو يحاول أن يبدو ذكيّاً. لكنه ليس قائداً أو زعيماً. خسر الليبراليّين، وطبعاً الإسلاميّين ليسوا معه وفي مقدّمهم "الأخوان المسلمون". واستمرار قمعهم قد يحوِّل شبابهم إرهابيّين ويرميهم في أحضان "بيت المقدِس" في سيناء و"داعش". كنا نعرف أن هناك خلافات داخل "الأخوان" بين شباب وشيوخ أي حكماء. الآن الشيوخ في السجن والشباب في الشارع". علّقت: أُعطيَ شباب "الأخوان" تعليمات من قادتهم باستعمال الشدّة مع الشرطة عندما امتنع السيسي عن تنفيذ وعده بإطلاق عدد من السجناء "الأخوان" الذين صاروا بالآلاف، وباستعمال مفرقعات مصنّعة يدويّاً مثل "قنابل المولوتوف". هل تعرف ماذا يمكن أن يحصل في ظل ضائقة اقتصاديّة وحدود مفتوحة بين مصر وكل من ليبيا والسودان وتهريب سلاح ومقاتلين؟ احتمال عدم الاستقرار في مصر قائم. قد لا يتفاقم ذلك غداً، لكنّه إذا حصل سيكون قويّاً. قال: "مصر كانت دائماً رائدة في العالم العربي. لم تَعُد فيها قيادة. ماذا يفعل السيسي؟". أجبتُ: يقول أخصامه إن همّه إرضاء الجيش المصري والمحافظة على مكتسباته المتنوّعة كي يبقى في السلطة. مع الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات بقيت مصر محوريّة في المنطقة رغم تناقضهما. مع الرئيس حسني مبارك بدأ دورها يضعف. وهي الآن مع السيسي بلا دور رغم أنه يحاول أن يمارس دوراً عربياً. لكن الظروف الاقتصاديّة الصعبة لبلاده لا تمكّنه من ذلك. السعوديّة أخطأت معه. قدّمت إلى بلاده بواسطته مساعدات ماليّة ضخمة لكنّها عندما أعلنت حرب اليمن لم تستشره رغم حاجتها إلى عسكره. وهو تصرُّف لا يدل على رغبة في عودة مصر دولة محوريّة. علّق: "هذا ما فعلته السعوديّة أيضاً مع باكستان التي موّلت بالكامل مشروعها النووي والتي رفضت إرسال عسكر إلى اليمن".
ماذا في جعبة مسؤول كبير في مركز أبحاث عريق معروف بميله الكبير إلى إسرائيل؟