كما كل الاحزاب والجماعات ذات الطابع العسكري والامني، وكذلك الانظمة المخابراتية فان القرار الحقيقي المتحكم بمسارات التنظيم انما يكون نتاج المطبخ الامني وغرف الاجهزة المخابراتية، ومن ثم يتولى اشخاص يكونون في الواجهة بتظهيره وتبنيه والاعلان عنه، حتى يكاد المراقب العادي ينخدع باعتقاده ان ذلك الواقف في مقدمة المشهد وامام الكاميرات انما هو صاحب القرار والممسك بناصية الحزب  هذه هي ايضا حال حزب الله تماما، فمن غير الصحيح كما يؤكد عارفون ان الامين العام السيد حسن نصرالله هو الرجل الاول في الحزب، وهو صاحب القرار النهائي كما يظن كثيرون وحتى من داخل  قواعد الحزب نفسه، فعلى الرغم من قوة شخصية نصرالله وكريزميته المميزة الا ان تركيبة الحزب واجهزته الامنية والعسكرية وارتباط هذه الاجهزة ومسؤوليها المباشرين بقيادات الحرس الثوري والولي الفقيه تجعل منهم شركاء حقيقيون بالقرارات الكبرى، ويمتلكون من خلال سطوتهم الميدانية وقدراتهم الذاتية الحصة الاكبر من القرار الحزبي  وبناءا على ما تقدم فان العارفون بخبايا حزب الله يؤكدون ان القرار الحزبي كان قائما على سيبة ثلاثية لطالما شكلت بثلاثيتها رأس الهرم التنظيمي، عماد مغنية - مصطفى بدر الدين - حسن نصرالله وكان يشكل بدر الدين نقطة الارتكاز الاقوى بسبب قرابة المصاهرة بينه وبين مغنية اولا وبسبب اقدميته وتفوقه حتى انه يقال بان بدر الدين هو من يقف وراء ادخال مغنية الى صفوف الحزب في مرحلة الثمانينات وبان نجم مغنية ما كان ليلمع ويصل الى ما وصل اليه الا بسبب تغيب بدر الدين وابتعاده عن الساحة بسبب سجنه لسنوات ( 1990 - 1983 ) في السجون الكويتية كما هو معروف .

  لا شك ان ذو الفقار يتمتع بمواهب وطاقات كبيرة كما يؤكد القريبون منه، وما ينقل حوله من قصص وحكايات هي اقرب الى الاساطير،شأنه شأن الشخصيات الامنية الغامضة، الا ان في شخصية الرجل جانب سلبي معروف حتى لدى الدوائر التحتية في الحزب، الا وهي عصبيته المفرطة وسطوة رهيبة وتفرد بالقرار وفرضه على كامل الحزب مع لجوئه المعروف الى استعمال العنف عند اول اختلاف مع اقرب المقربين، 

  والجميع يعلم في هذا السياق ان بدر الدين كان يقف وراء الخلاف بين حزب الله وبين المرجع الراحل العلامة  محمد حسين فضل الله حتى انه قيل في وقتها بان بدر الدين قد اقتحم شخصيا مع مرافقيه منزل المرجع الراحل واطلق النار بغزارة داخله واعتقل مرافقي فضل الله يومها وهذا امر معروف، فضلا عن عشرات الاحداث المماثلة والحوادث التي يعرفها معظم سكان الضاحية 

  اعتقد ان هذه الازدواجية الخطيرة في شخصية بدر الدين كانت لتشكل عبئا ثقيلا جدا على كل من يتعاملون معه بالاخص الامين العام، فبالوقت الذي كانت بصمات بدر الدين ظاهرة على التركيبة العسكرية للحزب بالخصوص في السنوات الاخيرة من عمل المقاومة واستطاع ان ينقل العمل المقاوم نقلات جبارة الا ان عصبيته وتفرده واصراره على ما يريد جعلت منه شخصية تصادمية داخل الحزب وتسبب له في الكثير من المراحل بمشكلات كبيرة مع قيادة الحزب ومع القيادة السورية عندما كانت في لبنان 

  طبعا لا اتبنى نظرية التصفيات الداخلية، ولا اتصور ان حزب الله بهذا الوارد لاعتبارات كثيرة لسنا بوارد ذكرها بهذه العجالة، الا ان المؤكد ان وجود ذو الفقار على رأس الهرم التنظيمي الى جانب نصرالله وبعد غياب عماد مغنية كان يشكل ثقلا كبيرا جدا يعاني من الاخير، وان شخصية ذو الفقار كانت غير محببة عند السيد وان الكثير من الاخفاقات الميدانية التي كان ولا يزال يعاني منها الحزب انما تعود بالمسؤولية على عاتق التعجل والتفرد لبدر الدين هذا ان لم نقل ان اصل دخول الحزب الى الحرب في سورية قد يتحملها ذو الفقار بشكل اساسي 

  ولعل هذا فقط  ما قد يفسر ابتعاد نصرالله الشخصي عن مشهد النعي والتشييع، حتى ان حادثة بهذا الحجم لم تستدعي نصرالله الى الاطلالة على جماهير الحزب الا بعد اسبوع مما يعني ان رحيل ذو الفقار لم يكن له في نفس نصر الله وقع رفاقه من القادة، ومن هنا يتم الهمس في اوساط الحزب : اخيرا لقد تحرر السيد .