كان لافتا للإنتباه البيان الذي صدر يوم أمس عن كتلة الوفاء للمقاومة والذي حمل بعنف على المصارف اللبنانية الملتزمة باحكام القانون الأمريكي المالي المتعلق بحزب الله حيث اعتبرت الكتلة أن موقف المصارف اللبنانية يؤسس لحرب الغاء محلية وحملت الكتلة على هذه المصارف متهمة إياها بتأجيج هذه الحرب وحذرت من أن هذا الامر يعرض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة.

كتلة الوفاء للمقاومة طالبت في بيانها بإعادة النظر في هذه التعاميم واعتبرتها انصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين وبين المصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء، ودعت الكتلة في بيانها سلامة لإعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية، مطالبة «الحكومة باتخاذ الإجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها.

إثارة الموضوع في مجلس الوزراء :

ونقل وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن موقف الحزب من هذه التعاميم الى مجلس الوزراء في جلسته مساء حيث دار نقاش مستفيض بين الوزراء في هذا الموضوع بكل المحاذير التي ينطوي عليها طرح إعادة النظر في التعاميم لجهة التداعيات التي يتركها على القطاع المصرفي اللبناني. هذه المواقف أعادت قضية العقوبات المالية على حزب الله إلى الواجهة من قبل حزب الله تحديدا لتؤكد مدى الإنزعاج الكبير الذي تركته في أوساط حزب الله وقيادييه ولتؤكد ان هذه العقوبات أصابت حزب الله في الصميم وبلغت حدا ادى إلى رفع الصوت عاليا لمواجهتها بالرغم من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إحدى خطبه أن ليس لحزب الله أيه أرصدة في البنوك المحلية والخارجية .

العقوبات تصيب حزب الله في الصميم :

وبالرغم من تخفيف حزب الله لتأثير هذه العقوبات مع صدور القرارات المالية الأمريكية إلا أن تحسس اليوم مدى خطورتها وتأثيرها الأمر الذي أدى إلى رفع الصوت كأسلوب من أساليب المواجهة على الأقل مواجهة القرارات الداخلية التي عملت على الالتزام بالقرار الامريكي بهذه العقوبات.

إن المؤشرات تقود بل تثبت أن هذه العقوبات أصابت حزب الله بالصميم وتركت أثارها الكبيرة على السياسية المالية لحزب الله وعلى أكثر من صعيد .

سبب المواقف الأخيرة لحزب الله :

وتأتي مواقف حزب هذه بالتزامن مع الإعلان عن زيارة مرتقبة سيقوم بها مساعد وزير الخزانة الأميركيّة لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، وبعد جملة مشاورات قام بها النائب السابق عن حزب الله أمين شري مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيث جرى الإتفاق على جملة خطوات لا تتناقض مع روحية القانون الأميركي بل ترتبط بالسيادة الوطنية وتمت لاحقا مخالفة بنود الإتفاق وفوجيء حزب الله بصدور تعميمَين عن مصرف لبنان يفيد أولهما باطلاع مصرف لبنان على إقفال حساب أي مواطن لبناني، بدل أن تكون المبادرة بيد المصرف المركزي، وهنا قال أحد القياديين في «حزب الله» لسلامة: بهذا التعميم تقول للمصارف أعدموا من تشاؤون، ثم أعطوني العلم والخبر!

أما التعميم الثاني، فقضى بدعوة جميع المصارف اللبنانية إلى الالتزام بالمراسيم التطبيقية للقانون المالي الأميركي، بما في ذلك التراجع عن قرار الإجازة للمصارف بفتح حساب بالعملة الوطنية، بذريعة أن المراسيم نصت صراحة على شمول الحظر فتح الحساب بالدولار وبأية عملة أخرى!

وبالعودة الى مجلس الوزراء قالت مصادر وزارية أن وزير الصناعة حسين الحاج حسن بادر إلى إثارة الموضوع في مجلس الوزراء، بعدما كان قد أثير عرضا في جلسات سابقة، وهو قال إن ما يحصل هو بمثابة عدوان خطير ويتجاوز كل الخطوط الحمراء، خصوصا أن الأمر لا يقتصر على استهداف فئة أو طائفة لبنانية بل يستهدف كل اللبنانيين، مطالبا الحكومة بأن تتحمل مسؤولياتها، خصوصا في ضوء التعاميم الأخيرة التي أصدرها حاكم مصرف لبنان.

وبعدما أكد حرص الحزب على سلامة القطاع المصرفي وحصانته، عرض الحاج حسن مجموعة وقائع للتدليل على ما أسماه «غلو بعض المصارف في تنفيذ القانون الأميركي»، وبينها إقفال حساب جديد لأحد النواب (نوار الساحلي) في أحد فروع أحد المصارف الكبرى في مدينة الهرمل، وكيف رفض مصرف آخر التراجع عن قرار إقفال حسابات النواب علي فياض وعلي عمار وعلي المقداد، كما أعطى مثلا حول مبادرة أحد البنوك إلى إقفال حساب لا يتعدى الألف دولار (توطين لأجل فاتورة الهاتف الخلوي) يخص إبنة النائب السابق أمين شري الذي كان قد أبلغ في وقت سابق من إدارة المصرف نفسه بإقفال حسابه!

وشملت النماذج التي عرضها الحاج حسن مؤسسات تربوية وصحية ودينية واجتماعية أُقفِلت حساباتها بينها «جمعية المبرات الخيرية» التي يديرها السيد علي فضل الله نجل العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بالإضافة إلى أحد المستشفيات الذي يتولى تمويله عدد من المتمولين الخليجيين. وسأل: «ماذا إذا شملت الإجراءات في المستقبل عشرات البلديات التي فازت في الانتخابات بحجة أنها تضم شخصيات حزبية أو كان حزب الله مبادرا إلى تأليفها وتبنيها؟