عن سؤال: ماذا كان في إمكان أوباما أن يفعل؟ أجبتُ المسؤول المهم السابق نفسه في "الإدارة" المهمّة نفسها داخل الإدارة الأميركيّة، الذي عمل طويلاً على عملية السلام الشرق الأوسطيّة، قلتُ: بصراحة أقول لك إن معلوماتي ومعلوماتك ومعلومات إيران وغيرها تؤكّد أن أميركا لم تخترع "داعش" أو لم تنشِئه. لكنّها أفادت منه بعد استيلائه على الموصل وإثارة الخوف في إيران على العراق مداها الحيوي المباشر، إذ سرّع في إنجاز الاتفاق النووي معها. لذلك أعتقد أن "داعش" سيستمر في شكل أو في آخر لأنّه في كل مرحلة أو عمل يحقّق فائدة لفريق من أفرقاء الحروب في المنطقة وخصوصاً الذين منهم يخوضونها بالوكالة وأحياناً مباشرة (روسيا)، لكن لا مصلحة لأميركا والعالم في بقاء دولة الخلافة الإسلاميّة المتشدّدة جداً سواء في الرقّة والموصل حيث هي أو في أي مكان آخر. لا بد من القضاء عليها. وسيحصل ذلك ولكن بتوقيت أميركي. وهو قد يبقى بعد ذلك تنظيماً إرهابياً يعمل مثل "القاعدة" ثم يضعف تدريجاً. دعني أقول لك أن أوباما كان في إمكانه قبل بروز "داعش" و"النصرة" وغيرهما وقبل سيطرتهما على الثورة السوريّة ومن دون إرسال قوات أميركية بريّة إلى سوريا، أن يضغط على الدول العربية والإسلاميّة مثل تركيا والسعودية وغيرها لتوحيد المعارضة السوريّة السياسيّة ولدعم الجيش السوري الحر الذي كانت له مخيّمات في تركيا محاذية لسوريا تضم 20 ألف جندي وفي الأردن مخيّمات تضم نحو 7 آلاف جندي. لو فعل ذلك لما وُلد "داعش" ولاستمرّت الثورة ولبقيت أهدافها وطنيّة على الأرجح ولا طائفيّة ومذهبيّة أو دينيّة. لكنه لم يفعل ذلك الأمر الذي سمح للدول المذكورة أعلاه ولغيرها بالتنافس على النفوذ داخل "الثورة" فأجهضتها وساهمت ربما من دون أن تدري في تحوّلها إلى شكلها المخيف الراهن. في النهاية دعني أقول لك إن السعودّية ستتحوّل بعد حرب اليمن أيّاً تكن نتائجها دولة عسكريّة مُبادرة، وهذا وضع جديد لها وعليها، وإيران هي سبب ذلك. إذ استضعفتها واستخفَّت بها. كما أن إيران قد تكون مسؤولة مع آخرين عن انهيار النظام الإقليمي الذي ساد قرابة 100 سنة وتالياً عن تفتّت المنطقة وعن نظام بديل منه لا يعرف أحد إذا كان مُفيداً لشعوب هذه المنطقة أو مؤذياً لهم.
ودعني أقول لك أيضاً أن مشكلة العرب هي اقتناعهم بأن في إمكانهم شراء حماية الدول الكبرى لهم بالمال. وهذا أمر لا تقبله هذه الأخيرة. وربما تكون الدول العربية الغنية أدركت أخيراً خطأ الاقتناع المذكور. فأميركا تركتهم يتخبّطون في سوريا واليمن وليبيا والعراق. وباكستان التي موّلت السعودية مشروعها النووي الناجح من إلفه إلى يائه رفضت إرسال جيوش بريّة لمساعدتها في اليمن. والأمر نفسه فعلته مصر.
ماذا في جعبة مسؤول سابق مهمّ ساهم من أكثر من موقع في "الإدارات" المهمّة داخل الإدارة الأميركية في العمل على عملية السلام الإسرائيلي – الفلسطيني – العربي وتعاطى من قرب مع الموضوعين السوري والإيراني؟
بدأنا اللقاء بالحديث عن الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. سألت: كيف يحصل ما أشاهده وأُتابعه يومياً على شاشات التلفزة والصحف؟ أجاب: "حصل هذا أكثر من مرّة في السابق، في الثلاثينات وفي الستينات. لا يزال الكثيرون يتذكّرون جورج والاس اليميني المتطرِّف إلى درجة العنصريّة ضد الأميركيّين السود. لكن في أميركا مؤسّسات تستطيع معالجة أي موضوع وأي مشكلة. دونالد ترامب هو نتيجة النظام الذي يقول أنه ضدَّه في تصريحاته ومواقفه الانتخابيّة. كوّن نفسه وحصّل ثروة ضخمة وأسَّس أعمالاً مهمّة في ظل نظام يقول أنه لا يمثِّله". علّقتُ: هناك خطر حصول حوادث عنيفة بعدما تحدّث ترامب عن "تقبُّله" فكرة التظاهرات المؤيّدة له ردّاً على الأخرى الساعية في رأيه إلى فرط تجمّعاته الانتخابيّة (Riots). علَّق: "العنف مشكلة طبعاً. لكن المؤسّسات تحل الأمور كلّها. انتصار أميركا هو ما قاله أوباما في كوبا أخيراً: الحريّة والديموقراطيّة سمحتا لأميركيّين من أصل كوبي بالسعي إلى الترشّح للرئاسة، كما سمحتا لامرأة ولرجل اشتراكي بالسعي إلى الأمر نفسه هما هيلاري كلينتون وبرني ساندرز. هل قرأت مقابلة أوباما مع غولدبرغ؟" سأل. أجبتُ: نعم. قال: "فيها تبريرات للرئيس غير مقبولة. مثلاً الخط الأحمر (السلاح الكيميائي). لقد أخطأ بطريقة التبرير. كان يمكن أن يقول أنا لا أريد إرسال جيش إلى سوريا والكيميائي خطر".
يقال أن لا سياسة سورية عند أوباما؟
بماذا علّق؟