حلّ مستشار المرشد الأعلى في ايران الدكتور علي أكبر ولايتي ضيفا على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال الأيام الماضية.

 

ولئن كان منصب الضيف الايراني يعطي لزيارته في الأوضاع الطبيعية أهمية استثنائية، فإن عدم وجود رئيس في لبنان وعدم انتظام عمل المؤسسات الدستورية حصر أهمية الزيارة بالرسائل التي يحملها الى "حزب الله".

بحسب مصادر مطلعة، حملت زيارة ولايتي ثلاثة عناوين رئيسية:

-الأزمة السياسية العراقية: يدرك الايرانيون جيداً ان الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله يمتلك من "المونة" على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ما يجعله أحد المؤثرين على خياراته وقراراته. غير ان نصر الله يمتلك أيضا تأثيرا عابرا للأحزاب والمكونات السياسية الشيعية العراقية؛ كلٌ بمقدار. وبما ان طهران تعتبر انها تعرضت لانتكاسة في العراق في الآونة الأخيرة، مع تحجيم دور الحشد الشعبي بعد ضغوطات أميركية على رئيس الوزراء العراقي، فإن "انتفاضة" الصدر على الفساد وما وراءه من اعتراض على الطبقة السياسية الحالية أثار اهتمام ايران خشية ان تنجلي هذه الأزمة السياسية عن فوز آخر للأميركيين الذين يجيدون استغلال الفرص. أمام هذا الواقع، يبدو أمين عام "حزب الله" صمام أمان قادر على تدوير الزوايا بين حلفائه العراقيين بما يخدم المصالح الاستراتيجية للمحور في المنطقة.

-الحرب في اليمن: ينظر الحوثيون منذ سنوات طويلة تعود الى ما قبل بدء الحرب في بلادهم الى أمين عام حزب الله بكثير من الاحترام الى درجة تشكل ارتباط عقائدي ـ سياسي به كقائد واجب الطاعة. وبعد بدء الحرب في اليمن، تصدى السيد نصر الله للعب دور المدافع عن حركة "أنصار الله" وشن حملات شديدة ضد السياسة السعودية. ومع ترنح الوضع اليمني الهش بين الحرب والسلم، ومحاولة الرياض اختراق حالة الجمود بعدما استنفدت بنك الأهداف العسكرية ودخول حملتها مرحلة المراوحة والاستنزاف الاستراتيجي عبر مفاوضات صعبة، يجد الايرانيون أن التنسيق مع نصر الله ضرورة في كل صغيرة وكبيرة بما يعني الملف اليمني.

-الحرب في سوريا: تفرض حساسية الحملة العسكرية في حلب (وما بعدها أكبر وأهم بحسب ما توحي التسريبات) تنسيقاً عالي المستوى على خط موسكو ـ طهران ـ الضاحية. بالتوازي مع المعارك الدائرة، يستعد الكبار لمرحلة ما بعد وقف الأعمال الحربية للتأسيس للمشهد السياسي والاقتصادي. في الشقين العسكري والسياسي، يحظى نصر الله بكلمة مسموعة ومؤثرة في ايران، حتى ان الولي الفقيه يستمزج آرائه في بعض المفاصل الرئيسية.

يدرك العارفون بطبيعة دور ولايتي في التنسيق بين القيادة الايرانية و"حزب الله" أن الدبلوماسي الايراني يحمل دائما في جعبته قضايا كبرى، غالباً ما تكون مرتبطة بانعطافات استراتيجية في الملفات الساخنة. وبعد كلام السيد خامنئي عن "شمس حزب الله التي تسطع في العالم"، تستمد زيارة ولايتي أهمية قصوى من مضمون هذا الكلام الذي يؤسس عملياً لتكريس أدوار "حزب الله" اقليمياً في المنطقة.

 

 لبنان 24