فشل المجتمع المدني في تحقيق أي خرق في الانتخابات البلدية في بيروت في مواجهة تكتل الأحزاب التقليدية الكبرى، وفق ما أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية الاثنين.

وتعيد المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية قراءة المشهد السياسي اللبناني على نحو عملي بالإمكان تلمسه بالنتائج والأرقام.

ففي بيروت، استبقت لائحة “البيارتة” التي تضم ممثلين عن الأحزاب الكبرى والمدعومة بشكل رئيسي من تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أحد أبرز قيادات قوى 14 آذار، النتائج الرسمية بإعلان فوزها بكامل مقاعد المجلس البلدي في بيروت.

وجاء في بيان صادر الاثنين عن مكتب الحريري “أعلن رئيس لائحة ‘البيارتة’ للانتخابات البلدية جمال عيتاني عند الساعة الثانية فجرا من بيت الوسط (منزل سعد الحريري)، أنه حسب النتائج الأولية للماكينة الانتخابية للائحة، حسمت المعركة كليا لصالحها”.

وخاضت لائحة “البيارتة” الانتخابات في مواجهة لائحة “بيروت مدينتي” التي انبثقت خصوصا من المجتمع المدني ولم تكن مدعومة من أي جهة سياسية.

وضمت “البيارتة”، إلى جانب ممثلين عن حزب القوات اللبنانية، حلف تيار المستقبل المسيحي، وممثلين عن التيار الوطني الحر، حليف حزب الله والخصم الأبرز لتيار المستقبل في السياسة.

ويرى المحلل السياسي اللبناني خيرالله خيرالله أن انتصار “لائحة البيارتة” هو “انتصار لبيروت في وجه تحديات غياب رئيس الجمهورية والممارسات المنهجية لحزب الله التي تصب في ترييف بيروت وتحويلها إلى ضاحية فقيرة من ضواحي طهران بدل أن تكون مدينة مزدهرة”.

وطالب خيرالله “بالاستفادة من الظاهرة الصحّية التي شكّلتها قائمة ‘بيروت مدينتي’ التي ضمّت أشخاصا صادقين لتحسين أداء المجلس البلدي الجديد. حصول هذه القائمة الشبابية على عدد من الأصوات ظاهرة صحّية”.

 

 

صحيفة العرب

ويتمحور الجدل السياسي اللبناني حول شؤون السيادة وسلاح حزب الله والأزمة في سوريا والصراع السعودي – الإيراني، وانتقل هذا الجدل إلى المدن والقرى، حيث تتجسد المحاصصة السياسية وروافدها الطائفية والمذهبية.

وتؤكد إقامة الانتخابات البلدية قدرة لبنان اللوجيستية والأمنية على تنظيم انتخابات تشريعية أيضا، ومن ثم وضع حد لتمديد البرلمان لولاياته مرة أخرى.

وقال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الأحد إن “الانتخابات المطلوبة هي انتخاب رئيس للجمهورية”، وأي مطالبة بإجراء انتخابات نيابية هي “لفتح مشكل”، على حد تعبيره.

وعكست الانتخابات النيابية اللبنانية تهافت الأحزاب التقليدية على الهيمنة على العملية الانتخابية وعدم استعدادها لإفساح أي مجال أمام القوى الأهلية ونفوذ العائلات.

وكان حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، قد حذر عشية الانتخابات من ظاهرة المجتمع المدني، مشددا على “دور الأحزاب في إدارة شؤون الناس في مدنهم وقراهم”.

وفازت اللوائح المدعومة من الحزب بالمجالس البلدية في العديد من البلدات في محافظتي البقاع وبعلبك – الهرمل (شرق) على حساب تحالف العائلات والقيادات المحلية، وتحديدا في مدينة بعلبك، وفق النتائج الأولية غير الرسمية الصادرة عن الماكينة الانتخابية للحزب.

ويقول محللون إن حزب الله خاض معارك تؤكد نفوذه الشعبي، على الرغم من بروز ظواهر تصارع رؤاه وتحاول التباين معه محليا في مناطق نفوذه التقليدية.

وكان واضحا أن القوى السياسية التقليدية، على اختلافها الحاد، تحالفت من أجل منع القوى المدنية والأهلية من تجاوزها في السباق الانتخابي اللبناني.

كما كشفت الانتخابات عن تراجع تجارب سياسية كانت تهدف إلى إقامة تحالفات عابرة للطوائف، خصوصا داخل معسكري 8 و14 آذار منذ عام 2005.

وظل المزاج الانتخابي لدى المسلمين والمسيحيين اللبنانيين مختلفا أو متعارضا، حتى داخل الحلف الواحد.

ومثّل قرع أجراس الكنائس في مدينة زحلة أسلوبا تعبويا لاستنهاض المسيحيين ضد طغيان أصوات المسلمين وانعكس ذلك على النتائج النهائية في “عاصمة الكاثوليك” في محافظة البقاع.

وشهدت المدينة، ذات الغالبية المسيحية، معركة انتخابية بارزة، وأظهرت النتائج الأولية فوز تحالف الأحزاب المسيحية الكبرى بكافة مقاعد المجلس البلدي على حساب لائحتين أخريين مدعومتين من زعامات عائلتين تقليديتين بارزتين في المدينة.