عندما أعلن الرئيس سعد الحريري ولادة لائحة بيروت للإنتخابات البلدية تحت إسم "لائحة البيارتة " لم يكن يعرف أن اختيار مثل هذه الأسماء في حملة انتخابية قد يسيء الى اللائحة أكثر من أن يخدمها، لأن الحريري بمثل هذه اللغة العنصرية استفز مشاعر الكثيرين من اللبنانيين وأهالي بيروت وهو بالأصل الصيداوي الطاريء على بيروت وكان حضوره تعديا على بيروت وأهالي بيروت .

ومع استعار معركة الإنتخابات البلدية كانت لائحة بيروت هدفا مشروعا لكثير من الإنتقادات سواء على صعيد التسمية أو على صعيد التركيبة التي خرجت بها اللائحة .

ولدت لائحة بيروت بناء على المحاصصة الطائفية الفجة، تحت شعار العيش المشترك لكنها بتركيبتها ومحتواها تفتقد إلى حد كبير للعيش المشترك، فهي ولدت بنفس عائلي عشائري وطائفي على قياس سعد الحريري وتيار المستقبل، دون الأخذ بعين الإعتبار الكفاءات والطاقات الموجودة لدى أهالي بيروت، المدينة التي يتحدث الجميع عن كونها مهد التلاقي بين العائلات اللبنانية وبين الطوائف اللبنانية كافة .

إن اختصار لائحة البيارتة بمجموعة من المحسوبين على تيار المستقبل وأزلامه جعل من اللائحة عرضة للسهام والإنتقادات التي ربما تكون مشروعة، كونها لم تلحظ رأي أهالي بيروت وعائلات بيروت، وقد فرضت اللائحة بخلفيات سياسية وطائفية باتت معروفة للجميع . فرض الرئيس الحريري لائحته على اعتبار المناصفة بين المسلمين والمسيحيين بلغة طائفية، وجاءت الالئحة بهذه الخلفية دونما أي برنامج انتخابي ولا أي خطة أو مشروع يهدف الى التنمية والتطوير فلم يخصص الحريري الوقت لأي برنامج عمل، بل جاء وقت التحضير للائحة ليخرج بمحاصصة طائفية فجة تحت شعار العيش المشترك .

وأصر الحريري على التعاطي مع بيروت بلديا على قاعدة العائلات والعنصرية دون إدراك أن بيروت اليوم غير بيروت الماضي وقد تغيرت سمتها وهويتها الى حد ما، فكان شيطان المناصفة والعيش المشترك كفيلا بولادة لائحة من هذا النوع شكلت استفزازا وتحديا كبيرا لبيروت وأهلها و للبنان كله .

وهكذا كانت لائحة البيارتة لائحة التصنيفات الحزبية والطائفية واعتمدت عن قصد أو غير قصد لغة الفرز والتقسيم وفقا لمنطق الطائفية والعائلية .

لذا فإن انتفاضة أهالي بيروت الانتخابية انتفاضة محقة وما اللوائح التي يتم إعلانها ردا على هذه اللائحة إلا صرخة بوجه هذه الطائفية وهذا الإستعلاء على بيروت وعيشها المشترك على بيروت وعائلاتها على بيروت ووحدتها .

وربما في هذا الواقع ستكون صناديق الإقتراع هي الحكم فيما لو كانت الإنتخابات حرة ونزيهة ودون اموال إلا أن الفائز هنا هو صاحب السلطة و صاحب المال .