تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى إنجاح مفاوضات السلام الجارية في الكويت بين فرقاء الأزمة اليمنية.

وتهدف من وراء ذلك إلى تأكيد دعمها للحل السياسي في الجارة الجنوبية، وأن التدخل العسكري لم يكن خيارا بل خطوة اضطرارية لتسهيل العودة إلى الانتقال السياسي على أرضية المبادرة الخليجية.

وقال مراقبون إن دول مجلس التعاون تمارس ضغطا هادئا على وفد الحكومة الشرعية في اليمن من أجل العودة إلى المفاوضات، وعدم إعطاء الفرصة للمتمردين للانسحاب وتعليق الفشل على عاتق الحكومة ومن ورائها دول التحالف العربي، وخاصة السعودية.

ولا تريد دول الخليج تكرار ما يجري في سوريا بعد انسحاب المعارضة من مفاوضات جنيف، وهو ما استغله النظام السوري لتوسيع عملياته على الأرض من جهة، والسعي إلى إظهار المعارضة كجهة رافضة للحوار مستفيدا خاصة من الدعم الروسي غير المحدود.

وتريد الرياض التأكيد للمحيط الإقليمي وللولايات المتحدة، أنها قادرة على لعب دور مؤثر في إحلال السلم والأمن في المنطقة، وأن هذه الرؤية هي التي سيتأسس عليها التحالف العربي والذي ستعود له وحده مهمة حفظ الأمن الإقليمي.

وتراهن السعودية، ومن ورائها بقية دول مجلس التعاون والمغرب والأردن ومصر، على أن ينجح التحالف الجديد في تقديم نفسه كقوة قادرة على حماية أمن المنطقة وحل مشاكلها، ودون الحاجة إلى تدخل خارجي.

ويبذل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني مساعي اللحظات الأخيرة الرامية لإنقاذ مشاورات السلام اليمنية في الكويت.

والتقى الزياني في الرياض بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في محاولة لإعادة الوفد الحكومي إلى طاولة المشاورات قبل أن يطير إلى الكويت للقاء أعضاء الوفد والاطلاع على خلفيات موقفهم الذي أفضى إلى توقف المشاورات.

وعلمت “العرب” أن الوفد الحكومي قدم عدة اشتراطات لاستئناف جلسات المشاورات التي توقفت عقب تصعيد الحوثيين لخروقاتهم للهدنة على الأرض والتي بلغت ذروتها بالسيطرة على معسكر لواء العمالقة في محافظة عمران (شمال صنعاء) والذي يعد واحدا من أقوى الألوية العسكرية في اليمن.

وسلم رئيس الوفد اليمني المفاوض في الكويت المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد قائمة بمطالب الحكومة للعودة إلى المشاورات والتي تضمنت الانسحاب من معسكر لواء العمالقة وتسليم الأسلحة التي تم نهبها، والالتزام بالهدنة الموقعة في مدينة ظهران جنوب السعودية.

وكانت قوات تابعة للحوثيين قد سيطرت على معسكر “لواء العمالقة”، التابع للجيش اليمني في محافظة عمران، شمال صنعاء، فجر الأحد الماضي، ما أدى إلى إعلان الوفد الحكومي، تعليق مشاركته في المشاورات.

وطالب الوفد الحكومي، أيضا، بإطلاق سراح كافة المعتقلين في السجون الحوثية بحسب ما تضمنه قرار مجلس الأمن 2216.

كما طالب بتوضيح رسمي من الوفد الذي يمثل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في المشاورات حول تصريحاته الأخيرة والتي تتناقض كليا مع أي رغبة في التوصل إلى حل جدي للأزمة اليمنية.

وعاود طيران التحالف العربي قصف مواقع للحوثيين في مناطق متفرقة من اليمن وخصوصا ميناء المخا في محافظة تعز.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن استئناف عمليات التحالف الجوية يأتي انسجاما مع ما هو معلن عن حق التحالف في التصدي لأي خروقات تتعرض لها الهدنة.

وأضافت المصادر أنه تم رصد تحركات عسكرية كبيرة يقوم بها الحوثيون وقوات صالح بهدف فرض سياسة الأمر الواقع وتعزيز جبهاتهم التي تعاني من الانهيار وهو ما يعد استغلالا سلبيا للهدنة الإنسانية. كما أن التحالف هدف من خلال عودة عملياته الجوية بشكل جزئي إلى دفع الحوثيين إلى الانخراط في مشاورات السلام بشكل جدي وإيصال رسالة لهم ولصالح بأن التحالف مازال متماسكا.

ووصف مراقبون سياسيون تحركات الحوثيين الدبلوماسية الأخيرة بالمخادعة في ظل سعيهم إلى تسويق خطاب إعلامي موجه إلى دول التحالف تغلب عليه لغة المصالحة، وهو ما عكسته التصريحات الأخيرة لمحمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم الجماعة ورئيس وفدها إلى الكويت والذي سعى فيها لمغازلة السعودية.

وقال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إنه “من الواضح أن مشاورات الكويت بدأت تفقد فرص النجاح في ظل انسداد الأفق الذي تسبب فيه إصرار الحوثيين على مواصلة الحرب وعدم اتخاذ أي خطوة في اتجاه بناء الثقة”.

واعتبر أن وفد الحكومة اتخذ القرار المناسب، وأفسد خطة التغطية التي يقوم بها المتمردون على مخطط تغيير الوقائع على الأرض، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يعتبرون مشاورات الكويت طريقا مناسبا لتحقيق أهدافهم، ولهذا يركزون على التهدئة مع السعودية.

 

العرب:ياسين التميمي