احتفلت القيادات النقابية والحركات العمالية في العالم بعيد العمال العالمي يوم أمس، تلك المناسبة التي تجسدت بتضحيات العمال ودمائهم وعرقهم لتعلوا أصواتهم ضد الاستبداد والاستعباد الذي أنتجته الأنظمة الرأسمالية وأدواته التسلطية التي جعلت من العامل وسيلة لتحقيق مآربها وأطماعها .

وبارغم من تحديد يوم عالمي وعيد للعمال على مستوى العالم لا تزال اليد العاملة في بعض المجتمعات تحت الإستغلال والتسلط وذلك بالتزامن من حالات كثيرة من البطالة الفقر المدقع الذي يضرب هذه الطبقة .

في لبنان يستمر مسلسل قهر العمال وحرمانها من أبسط حقوقها وكأنه مقدر على هؤلاء البقاء تحت رحمة الاستغلال والمنفعة في ظل قانون عاجز لا يحميهم من سطوة أرباب العمل وفي ظل رواتب متدنية لا تكاد تكفي لأبسط الأمور المعيشية في وضع اقتصادي يزداد تدهورا يوما بعد يوم . وشاءت الظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة ومع وجود اليد العاملة الأجنية مع تراكم أسباب النزوح السوري إلى لبنان أصبح العامل اللبناني في آخر الإهتمامات نظرا لاستغلال حاجة العامل السوري أيضا للعمل في ظل الظروف التي تمر بها سوريا .

وبين هذا وذلك يرزح العامل تحت نير أصحاب العمل في ظل غياب الرقابة النقابية والقانونية . وبمناسبة عيد العمال ومن منطلق الحرص نرى ان هذا الواقع المتردي للعامل أصبح بحاجة لأفكار ابداعية ونضالات عمالية منظمة ومدروسة لتحقيق ادنى الحقوق والتطلعات العمالية وصولا لاستقرار وامن وظيفي بالعمل الأمر الذي ينعكس طبيعيا على عملية التنمية ، ويساهم في تطوير الاقتصاد الوطني ويخلق نوع من التعاضد والحماية لكل مكونات المجتمع .

فالعمال ان لم يكن هناك اهتماما جديا بقضاياهم وهمومهم سيؤدي ذلك حتما لحالة من الضغط التي ستنتهي بانفجار ضخم لن تستوعبه الحالة التي تمر بها المجتمعات خاصة في ظل الثورات العربية وحالات التحرر التي يقودها الشباب والفئات المهمشة والمظلومة. ومن واقع المسؤولية نري ضرورة كبيرة لوضع خطط منظمة للنهوض بواقع العمال بشكل تنموي مدروس يضمن حاجة البلاد ويسد الثغرات ويحمي العامل في نفس الوقت مع الأخذ بعين الإعتبار أن أي تنمية لن تحدث في ظل غياب العامل والحفاظ على حقوقه ومكتسباته.

 وإن أي تنمية لن تحدث بعيدا عن العمال، فهم يشكلون السواد الاعظم من أي مجتمع وهم قوة العمل الاولي فيه،  وإن تطوير العمال ضمن برامج التنمية البشرية واستهدافهم بشكل مدروس ، بحيث يتم تمكينهم مهنيا ومعرفيا وتطوير ثقافتهم عبر مناهج عمالية ودورات تدريبية وورشات عمل وندوات تناقش معهم السياسات العمالية والوطنية ، وغيرها من البرامج التعليمية التي حتما ستلعب دورا فعالا في احداث تغيير ايجابي لدي العمال ، مما ينعكس طبعا على المجتمع والاقتصاد. 

كما أن هذه العملية تحتاج الي تنظيم نقابي موحد وحملات ضغط منظمة تتبني قضايا ومشاكل العمال للضغط على أصحاب السلطة والقرار وكذلك فلا يجوز على الاطلاق  تجاهل قضايا العمال لكونهم العنصر الاساسي في أي مواجهة لأي ظاهرة .