يتبادل المسؤولون الأميركيون والروس ما يشبه “الغزل” حول تفاهمهم المعلن بشأن الأوضاع في سوريا، فيما الهدنة الهشة بين الأطراف المتنازعة أوشكت على الانهيار.

وفي مقابل كل خطوة تصعيدية عسكرية من الأطراف السورية المتنازعة يظهر موقف أميركي أو روسي يؤكد على التعاون والعلاقات الإيجابية الثنائية بين البلدين بخصوص الحل السياسي المرتقب في سوريا.

ورحبت وزارة الدفاع الروسية بتعاون موسكو وواشنطن بشأن سوريا فيما يتعرض وقف إطلاق النار الذي تم بتوافق أميركي روسي لانتهاكات متواصلة من النظام والمعارضة على حد سواء.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو في مؤتمر دولي حول الأمن في موسكو “بشكل عام، نقيّم بإيجابية التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا”.

وأضاف “اتفاقاتنا الثنائية حول منع الحوادث في الجو تعمل.. الهيئات العسكرية المسؤولة عن مصالحة الأطراف تتواصل في ما بينها”.

واعتبر الخبير الروسي أندريه ستيبانوف التفاهم الروسي الأميركي، العنصر الإيجابي الوحيد في الشأن السوري.

وقال ستيبانوف في تصريح لـ”العرب”، “أثبتت السنوات الماضية من الحرب أن السوريين (نظاما ومعارضة) غير قادرين على تحمل المسؤولية وحل مشاكلهم بأنفسهم، وبمقدار التفاهم الأميركي الروسي المتبادل تزداد فرص نجاح الحل السوري”.

ويرى خبراء بالشأن الروسي أن التنسيق بين موسكو وواشنطن وصل إلى مرحلة متقدمة، الأمر الذي يؤكده ستيبانوف بقوله “تكاد تكون وجهات نظر الطرفين متطابقة بالكامل، والجانب الأميركي يضغط على المعارضة لتسير وفق خارطة الطريق الروسية الأميركية وكذلك موسكو تضغط على الأسد للسير بنفس الخطة”.

وسبقت التصريحات الروسية الإيجابية بعدة أسابيع زيارات لمسؤولين أميركيين للعاصمة الروسية مهدت لإعلان الهدنة بين الأطراف السورية، ورافقتها تصريحات من وزير الخارجية الأميركية جون كيري يشيد فيها بالتعاون مع موسكو، وكذلك تبادل كيري مع الرئيس الروسي بوتين عبارات الإطراء.

وانخفضت أعمال العنف في معظم أنحاء سوريا بعد اللقاءات الروسية الأميركية، مما أثار الأمل بالتوصل إلى اتفاق دائم ينهي إراقة الدماء في محادثات جنيف.

غير أن سلسلة من الضربات الجوية الدامية وعمليات القصف تقوض الهدنة الهشة، بالإضافة إلى تبادل القصف الأرضي بين قوات المعارضة وقوات النظام وما أسفر عنه من سقوط مدنيين من الطرفين.

وتصر موسكو وواشنطن على الحفاظ على الهدنة والانتقال بها إلى مرحلة متطورة للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وليس فقط مجرد تخفيف الأعمال العدائية.

ورغم تدهور الوضع الميداني لم تصدر أي تصريحات تصعيدية بين الجانب الروسي والأميركي، ولم يقتصر التصعيد على الوضع العسكري بل وصل إلى ساحات المعارك السياسية في جنيف، حيث أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، تعليق مشاركتها الرسمية في جنيف احتجاجا على تدهور الأوضاع الإنسانية وانتهاكات وقف إطلاق النار.

واللافت أنه بعد انسحاب المعارضة وتهديد العملية السياسية، صدرت تصريحات روسية أميركية تدعو إلى استمرار المباحثات التفاوضية وضرورة عودة وفد المعارضة إلى جنيف، ولم تصدر تصريحات أميركية داعمة لموقف المعارضة بشكل يزعج الروس بل على العكس استمرت لغة التفاهم بين موسكو وواشنطن رغم تصعيد المعارضة سياسيا والنظام عسكريا.

ويؤكد أندريه ستيبانوف أن الحرص الروسي لا يقل عن الرغبة الأميركية في إتمام الحل السياسي والتركيز بعدها على الحرب على الإرهاب، ويقول “روسيا في خندق واحد مع أميركا لمحاربة الإرهاب وإقامة دولة علمانية في سوريا تمثل كل مكونات السوريين”.

وفي محادثة هاتفية الأسبوع الماضي، اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي باراك أوباما على العمل لتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 فبراير الماضي.

وقال الكرملين إن كلا من بوتين وأوباما شددا على “أهمية” محادثات جنيف واتفق الرئيسان على أن تعزز أجهزة الأمن ووزارتا الدفاع التعاون بشأن سوريا.

 

صحيفة العرب