تابع المسؤول المهم السابق نفسه في "الادارة" المهمة نفسها داخل الادارة الأميركية، الذي يتعاطى حالياً مع القضايا الإنسانية – السياسية، حديثه عن إيران قال: "تم تعيين السيد علي خامنئي "الضعيف" مرشداً وولياً للفقيه. أتى به الشيخ هاشمي رفسنجاني. لكنه أظهر براعة إذ أدار إيران والأزمات التي وقعت فيها والأخرى التي أوقعت العالم فيها ببراعة واستعمل في ذلك توزيع الأدوار. الرئيس روحاني والمرشد خامنئي واحد. روحاني ليس ندّاً أو نظيراً (Counterpart) لأوباما بل خامنئي. لذلك الاتصال إذا حصل كان يجب أن يكون بين الاثنين. وفي الكونغرس كان يجب أن يقول رئيسنا: إذا وافقتم على الاتفاق النووي أو عدّلتموه سآخذه وأضعه على طاولة المفاوضات وأطلب رأي جميع المفاوضين فيه من إيرانيين وغير إيرانيين. فإذا وافقت عليه إيران أريد أن أسمع ذلك من السيد خامنئي شخصياً. لا بد من البحث مع إيران في القضايا الإقليمية (الشرق الأوسطية). فهي لم تعطِ شيئاً بعد الاتفاق النووي. أخَذَت فقط، وهي تستمر في الأخذ".
علَّقتُ: هذا صحيح. لكن إيران، التي تقول أنت إنها تعاملت مع "القاعدة" و"الطالبان" و"داعش" وإن قاسم سليماني درَّبهم وساعدهم، صارت هي أيضاً هدفا لـ"داعش". لذلك هي في حاجة إلى مساعدة العالم لمواجهة إرهابه. كما أن العالم وفي مقدمه الولايات المتحدة وأوروبا والأنظمة العربية والإسلامية المعظمها معتدل يحتاج إليها كقلعة في منطقتها حيث حواليها شرقاً وغرباً ينمو "داعش" والتطرّف الإسلامي كالفطر ومعهما الارهاب. وهذا الأمر ليس جديداً، فالدول التي رعت "القاعدة" وموَّلته وهزمت بواسطته الاتحاد السوفياتي في أفغانستان صارت هي هدفا له بعد "انتصاره". وهي الآن هدف لخليفته "داعش" الذي ولد من رحمه. والمملكة العربية السعودية هي واحدة منها وكذلك أميركا. حصلت انتخابات أخيراً في إيران. أنت تقول إن آلافاً حُرموا الترشيح لأسباب غالبيتها سياسية. وهذا صحيح. لكن في الانتخاب لم يحصل تزوير. وفاز إصلاحيون. لم ينالوا الأكثرية في مجلس الشورى، لكن مع المستقلّين الذين فازوا أيضاً يصبحون أكثرية. وهذا ممكن طبعاً تنفيذاً لسياسة توزيع الأدوار التي ينفذها المرشد السيد خامنئي. لذلك يجب في رأيي تشجيع إيران التي ولد فيها ومن رحم الدولة الإسلامية نظام الحزبين والتي تُمارس فيها ديموقراطية الحد الأدنى والأدنى منه ربما. وهي لا تُمارس في غالبية دول المنطقة كي لا نقول كلها. طبعاً أنت تريد محاسبة إيران على الماضي منذ ولادة نظامها الإسلامي، وعلى قمعها لـ"مجاهدي خلق" (MIK) وغيرهم. وأنت محقٌ في ذلك. لكن لا بد أن تطال المحاسبة دولاً كثيرة منها حليفة لأميركا اذا صمّمت على سلوك هذا النهج. الشعب الإيراني فخور ووطني ويحب الانفتاح على الغرب وخصوصاً على أميركا. ساعدوه ليفعل كل ذلك. والمرشد خامنئي سائر على هذه الطريق. لكن هدفه الأول هو حماية النظام الإسلامي والمحافظة عليه من الانفتاح الفوضوي. فما هو الأفضل في رأيك؟ سألتُ. لم يجب عن السؤال بل أنهى اللقاء بالحديث عن روسيا، قال: "تشكِّل روسيا خطراً اليوم على شرق أوكرانيا ومولدوفا وعلى دول البلطيق. احتلت شبه جزيرة القرم. كان الظن أن رئيسها بوتين تكتياً لكنه برهن أنه استراتيجي على الأقل حتى الآن بعكس أوباما الذي لم يضع أي سياسة لسوريا أو للشرق الأوسط عموماً".
ماذا في جعبة مسؤول كبير سابق (رابع أو خامس أو أكثر) في "الادارة" المهمّة نفسها داخل الإدارة الأميركية كانت له أدوار أساسية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعربي ولا يزال في عز نشاطه خارجها؟
سألني في بداية اللقاء عن لبنان، فشرحت له أوضاعه، قلتُ إنه دولة تسير على طريق الفشل. اقتصادها يعاني صعوبات كثيرة. السياحة تكاد أن تغيب عنه. الرئاسة شاغرة والحكومة مشلولة وغير منتجة ومجلس النواب مقفل. زار وفد برلماني واشنطن قبل وصولي إليها لشرح أوضاع لبنان ولاقناع الكونغرس ووزارة الخزانة بالعمل معاً لكي لا تكون المراسيم التطبيقية لقانون، صدر أخيراً، قاسية للقطاع المصرفي اللبناني الوحيد الجيدة أوضاعه. سأل: "هل نجح الوفد؟". أجبت: لا أدري. ما قاله أعضاؤه بعد عودتهم إنهم نجحوا. ردّ: "هذه الأمور ليست سهلة". علّقت: حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه يقدِّره الأميركيون المسؤولون طبعاً ويقدِّره "حزب الله". لا أعرف كيف يحصل ذلك. لكنه جيِّد. ولا بد من الاستعانة به لمعالجة الإشكالات. على كل القلق في لبنان على القطاع المصرفي كبير. قاطعني قائلاً: "إشرح لي بالتفصيل". ماذا قلتُ؟