هل سيكون مصير الإنتخابات البلدية كمصير ما سبقها من الإستحقاقات المؤجلة ؟ سؤال يزداد طرحه، مع ما يشاع عن نية لدى البعض بتأجيل الإنتخابات البلدية أو إلغائها، وكأن هذا البلد كُتب عليه أن يقتل مؤسساته واستحقاقاته كلها، بدءا من الملف الرئاسي مرورا بالتمديدين للمجلس النيابي، وصولا الى تعطيل العمل الحكومي .

ولم يبق سوى استحقاق الانتخابات البلدية ليثبت من خلالها هذا البلد أنه ما زال ينبض بشي من المؤسسات، وما زال يتسع لبعض الديمقراطية حيث لم يستطع بعد الطاقم السياسي الحاكم من القضاء على كل شي.

تبقى الإنتخابات النيابية الرهان الأخير الذي يلجأ إليه اللبناني ليشعر بالدولة وبالقانون وبالمؤسسات.

وفي زمن القحط بالمؤسسات والقضاء على الحياة السياسية في البلاد، تأتي الإنتخابات البلدية لتعيد إلى اللبناني صورة الدولة ومؤسساتها، وصورة الإستحقاقات الديمقراطية التي لم يعد اللبناني يؤمن بها تحت وطأة الفراغ المؤسساتي، وتحت وطأة سياسات التعطيل والتأجيل والتسويف والتمديد .

إن الإستعدادات التي تشهدها المدن والبلدات والقرى من ترشيح وتحضير واتصالات ومشاورات، إنما يدل على شوق اللبناني الى الحياة السياسية السليمة، وإلى مواكبة الاستحقاقات السياسية التي تقوم على حضورة ودورة كالانتخابات النيابية والبلدية. أما وقد أصبح الناس على أتم الجهوزية والحضور لخوض استحقاق الإنتخابات النيابية، فإن الحديث عن التأجيل أو الإلغاء سيكون بمثابة الضربة القاضية لحياة الناس ونظرتهم الى المواطنة والدولة، وإن مجرد التفكير في التأجيل بعدما أعدّ الشعب اللبناني العدة لخوض غمار الإنتخابات البلدية سيقضي على بارقة الأمل الوحيدة المتبقية لدى هذا الشعب وهذه الدولة، وكذلك سيقضي على صلة الوصل الوحيدة المتبقية بين المواطن والدستور والسلطة والوطن .

إن هذا المشهد الذي نراه اليوم من التحضير للإنتخابات البلدية، إنما يدل على أن اللبناني متعطش للحضور الى جانب الدولة ومؤسساتها واستحقاقاتها ولم يقطع أمله بعد بعودة الدولة ولو من خلال أبسط الإستحقاقات وهو الاستحقاق البلدي والاختياري .