حضرتُ بالأمس مقابلة تلفزيونية للسيد رامي عليق. وتذكرت أنّه من أثار ضجة مفتعلة من سنوات عدة، وذلك بعد خروجه من حزب الله الذي احتضنه منذ سنّ المراهقة، وحتى بلغ رشده، ووصل إلى مركز مرموق في التعبئة الطلابية، خرج على الحزب "وتقاليده وممارساته ونهجه وفكره".

أمّا من أين نزل عليه الوحي مرّة واحدة، فأنار قلبه، وفتح بصيرته، فهذا ما لا يجتهد في توضيحه. يكفي أن نعلم أنّه كان في حزب الله،فاعلاً،مقاوماً،مؤمناً بولاية الفقيه، عاملاً بأحكامها وهديها، فانقلب علمانياً، منفتح العقل والضمير، كاتباً ومُلهماً، وواعضا ومرشداً (لإخوان دربه طبعاً) .

وتلحظ في تبريراته للخروج "الفضائحي" هذا أنّهُ ما يزل متارجحاً بين معارضة الحزب وبين العودة المستحيلة للارتماء في أحضانه مجدّداً ،فهو لا يكُف عن العودة لسيرة الإمام الحسين، وعن الشيعة وفعالياتهم في التاريخ، والحال، ومن خلال ارتباكه، يبدو كالمتورّط في أمور بعينها، ويحاول أن ينسج منها قضية أو بطولة وهمية، في حين أنّ كل ما يوردُهُ من "مُضايقات" أو معاكسات -إن صحّ التعبير- لسياسات حزب الله تكاد أن تكون معروفة ومكررة عند السواد الأعظم من شيعة لبنان،الذين ليسوا من مناصري الحزب.

وبالتالي فإنّ ما يكرّرهُ عليق لا يُقيم عقيدة جديدة، ولا نهج جديد، ولا يمسّ شعرة من بنيان الحزب المرصوص، ولعلّهم في الحزب مرتاحين لخروجه من صفوفه، والغريب أنّهُ عكف في فترة قياسية على تأليف عدة كتب تشرح أسباب الانشقاق، وتُوضح معالم عقيدته، ويعتبرها صالحة له كمرجع وللجمهور أيضا (الذي كان غافلا عن مخازي الحزب)، وهو من النادر أن يتّكئ على أقوال الشيعة المعارضين لسياسات الحزب، أو أفعالهم، بل يكرر في إجاباته لمذيعة التلفزيون العربي، بأنّ هذه النقطة شرحتها في كتاب طريق النحل، وهذه في كتاب كذا، وتلك أشرتُ لها في مقابلة تلفزيونية سابقة.

رامي علّيق،ما زال في دائرة الإيمان اللاهوتي أو الميتافيزيقي، الذي يدّعي محاربته، لم يخرج من شرنقته.

ما زال بين التمرد على أبيه الديني(الشيعي في هذه الحالة) أو العودة للابن الضال، ليرتمي من جديد بين أحضانه، وهذا عقيم، لا يفيد الشيعة، ولا يضرّ الحزب،لأنّ الشيعة ليسوا الحزب مقلوباً على رأسه،ستبقى لهذا الحزب بصمات (إيجابية وسلبية) في تاريخ الشيعة، وهم، وفي كلّ الأحوال، يستحقون غداً أفضل، ومصيراً مُطمئناً، يُخرجهم من حالة الذهول التي تنتابهم هذه الأيام، والاكيد أن ذلك لن يحصل على يد علّيق وأمثاله.