حسمت المعارضة السورية أمرها غداة التصعيد الدموي والمجازر التي ترتكبها قوات بشار الأسد، أن لا تفاوض في ظل الخروق المتمادية التي سيتم الرد عليها ميدانياً أيضاً، وأن «الحل في سوريا عسكري سياسي، ولا يمكن الحديث عن حل سياسي من دون بيئة مناسبة« حسب تصريح لرئيس الائتلاف الوطني السوري أنس العبدة.

وفي ظل تناغم نافر بين موسكو والنظام السوري في الدفع باتجاه مفاوضات بلا نتيجة واضحة إلى الآن سوى استمرار سقوط المدنيين قتلى بقنابل وبراميل الأسد في ظل هدنة هشة، ثارت خشية غربية من أن انقطاع التفاوض بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية سيجر مزيداً من التصعيد قد يمتد عاماً كاملاً.

فقد أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري أنه لم يعد ممكناً الاستمرار في مفاوضات جنيف وتجاهل خروق الهدنة من قبل نظام الأسد. وقال العبدة في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن «المجتمع الدولي لا يتعامل بجدية ضمن استحقاقات القرار 2254 (الصادر عن مجلس الأمن).. ولم يعد ممكناً الاستمرار بالمفاوضات وتجاهل الخروق التي يقوم بها الأسد، كما أنه لا يمكن قبول أي طروحات أو أفكار تتضمن حلاً يبقي نظامه«.

وأضاف العبدة أن «المعارضة قامت بكل ما هو مناسب في المفاوضات، والكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي«، معتبراً أن «الحل في سوريا حل عسكري سياسي، ولا يمكن الحديث عن حل سياسي بدون بيئة مناسبة«.

وكشف العبدة أن المعارضة وثقت 2200 خرق للهدنة من قبل نظام الأسد وسلمتها لمجلس الأمن الدولي، مبدياً استغرابه من صمت المجتمع الدولي على جرائم الأسد، ومطالباً بتشكيل لجنة تحقيق دولية بخصوص تلك الخروق.

وأوضح العبدة أن «نظام الأسد قام باستهداف المراكز الحيوية التي تخدم المواطنين خلال الهدنة«، لافتاً إلى أن «هناك 4 مجازر وقعت الثلاثاء، استشهد فيها 108 أشخاص، من دون أي إدانة من المجتمع الدولي«.

وبموازاة موقف المعارضة السياسي، يستعد الجيش السوري الحر لحرب جديدة. وقال فارس البيوش وهو عقيد يقود الفيلق الشمالي للجيش الحر: «وضعنا على الجبهات مقبول حالياً ولكن ننتظر زيادة الدعم مثل ما وعدت الدول«.

وفي باريس، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن «اجتماعاً غير رسمي» سيُعقد الاثنين المقبل في هانوفر بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل ورئيسي الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والايطالي ماتيو رينزي، الذين سيبحثون في «القضايا الدولية الكبرى». 

وفي السياق نفسه صرحت متحدثة باسم الحكومة الألمانية كريستيانه فيرتس أن هذا اللقاء نُظم «بدعوة من المستشارة» لمناقشة «قضايا سياسية دولية عديدة»، من ضمنها سوريا وليبيا وقضية الهجرة بالتأكيد. وأضافت أن صيغة هذا اللقاء «ليست سابقة».

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرلوت عقب اجتماع مع نظيره اليوناني نيكوس كوتزياس إنه طرح «إمكانية عقد اجتماع لمجموعة الاتصال (عندما كنت) في موسكو... هذا موضوع ستجري مناقشته في الأيام القادمة في هانوفر«.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال أمس في إفادة الكترونية يومية «فرنسا قلقة من زيادة انتهاكات وقف إطلاق النار وهجمات النظام على المدنيين في سوريا. يوضح القصف في معرة النعمان... من جديد الاندفاع الطائش الخطير للنظام ورفضه لأي حل سياسي«.

ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي قوله إن السيناريو الذي لا تزال القوى الدولية تأمل في تفاديه «إذا انتهت هذه المفاوضات الآن.. فستتوقف لعام على الأقل.. الروس سيهجمون بضراوة استغلالاً لغياب الولايات المتحدة. سيزيد اللاجئون بواقع ثلاثة ملايين وسيقتل آلاف آخرون«. وأضاف «إذا رحلنا جميعاً عن جنيف.. فلا أرى أن هذه العملية ستستمر«.

وفي سياق حض المعارضة على العودة إلى المفاوضات، طالب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو المعارضة السورية خلال مؤتمر صحافي عقده في أنقرة، بالعودة إلى محادثات السلام في جنيف.

أما موسكو فكعادتها، لامت المعارضة السورية، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن الأساليب التي تستخدمها الهيئة العليا للمفاوضات تظهر أنها غير قادرة على التوصل إلى اتفاق وأنها لا يمكن أن تكون الممثل الوحيد للمعارضة في المحادثات. ووصف البيان اتهامات المعارضة لقوات الأسد بانتهاك الاتفاق الخاص بوقف الاقتتال والسماح بدخول الإمدادات الإنسانية بأنها مزاعم لا أساس لها من الصحة، متجاهلة تماماً المجازر التي ارتكبت خلال الأيام الأخيرة في دمشق وإدلب وحمص وحلب.

كما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله «الوضع ليس سهلاً وبالطبع يسبب درجة ما من القلق«، بسبب توقف مفاوضات جنيف.

وفي سياق متصل بموقف موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إن الدعم العسكري الروسي ساهم في الحيلولة دون تفسخ سوريا. وأضاف أثناء استلام أوراق اعتماد سفراء أجانب في الكرملين أن القوات الحكومية السورية بمساعدة من سلاح الجو الروسي حررت أكثر من 400 منطقة.

وفي جنيف، أعلن رئيس وفد النظام بشار الجعفري أن حكومة الوحدة الموسعة التي يسوق لها النظام بمواجهة مقررات جنيف وقرار مجلس الأمن الداعية إلى هيئة حكم لمرحلة انتقالية، ستضم ممثلين عن المعارضة «الوطنية النابذة للإرهاب» (في إشارة إلى المعارضة التي تدور في فلكي النظام وموسكو) وممثلين عن الحكومة الحالية ومستقلين.

لكن اللافت أن تصريحه جاء في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع مع نائب المبعوث الدولي رمزي عزالدين رمزي، وليس مع ستافان دي ميستورا الذي غادر جنيف أول من أمس «لأسباب شخصية».

ميدانياً، صد الثوار هجوماً للنظام في ريف اللاذقية، فيما قصفت طائرات النظام بلدات وقرى عدة في ريف حلب الشمالي وبلدة تيرمعلة في ريف حمص.

(الائتلاف، رويترز، أ ف ب)