فيما تتردّد أصداء تداعيات انهيار محادثات النفط التي عقدت في الدوحة، تتزايد التكهنات حول احتمال أن يدشن ذلك مرحلة جديدة من الحرب النفطية بين السعودية وإيران، ولا سيما في ظل الأجواء والملابسات التي سادت الاجتماع.

 

صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نشرت، الاثنين 18 نيسان 2016 تقريراً عن تفاصيل ما جرى في المفاوضات الصعبة التي جمعت كبار المنتجين في العاصمة القطرية، بحثاً عن صفقة حول الإنتاج العالمي توقف نزيف أسعار النفط وتكون الأولى من نوعها منذ 15 عاماً.

وروت الصحيفة الدور الذي لعبه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المفاوضات رغم أنه لم يكن حاضراً في الدوحة، حيث كان وراء قرار مفاجئ بالتصلب للوفد السعودي وصل إلى حد التلويح بالانسحاب ما لم تتعاون إيران في القرار الذي يتم بحثه حول تجميد الإنتاج.

أمر بالعودة للمملكة

وقالت إنه في حدود الساعة الثالثة صباح الأحد الماضي وقبل ساعات فقط من بدء المحادثات، اتصل الأمير محمد -بحسب فايننشال تايمز- بالوفد السعودي في فندق الشيراتون وأمرهم بالعودة إلى المملكة. بقي الوفد في نهاية المطاف، ولكن كانت المحادثات ميتةً بالفعل.

وقال شون إيفرز، الشريك الإداري في مركز "الخليج إنتليجانس" في الدوحة للصحيفة، "إن السياسة النفطية للسعودية هي الآن بين يدي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

ويحظى الأمير محمد بنفوذ كبير في السعودية، فهو يرأس وزارة الدفاع والمجلس الاقتصادي، وهو من أمر بشن الحرب في اليمن بوصفه وزير الدفاع، ووضع خططَ تحولِ السعودية إلى اقتصاد ما بعد النفط.

وحسب التقرير فإنه يبدو أن أسعار النفط تلعب دوراً أقل في السياسة النفطية السعودية تحت قيادة الأمير محمد مقارنة بدور السياسات الدولية، ولا سيما المواجهة المريرة بين الرياض وطهران بعد رفع العقوبات عنها. ويقول المحللون إن النفط أصبح سلاحاً للمملكة تستخدمه في مواجهتها مع إيران.

على استعداد لإبرام اتفاق

ورغم كل التوقعات كان السعوديون على استعداد لإبرام اتفاق، وأن مشاركة الرياض لن تتوقف على القرارات التي تتخذها طهران، إلا أنه سرعان ما انتشرت أنباء تفيد بأن كل شيء ليس على ما يرام. فقد وصل المعسكر الروسي إلى طريق مسدود في مفاوضاته مع السعوديين، والقطريين والفنزويليين – وهي مجموعة رئيسية من الدول دعمت تجميد الإنتاج في شباط الماضي. وقد دفع الوفد السعودي نحو إدخال إضافات جديدة على المشروع.

بحلول ظهر ذلك اليوم، عانى المندوبون خلال محاولتهم لإيجاد صيغة تضمن التوصل إلى اتفاق. وبدون وجود أي ممثلين إيرانيين في الاجتماع كانت المهمة عقيمة.

وقال أحد المندوبين "غادر بعض الأعضاء حتى قبل نهاية الاجتماع". وأضاف "فقد رأوا أن المناقشة تسير في حلقة مفرغة."

وعندما انعقد الاجتماع أخيراً بعد الساعة الثامنة مساء يوم الأحد، كان وضع الصفقة في حالة يرثى لها.

وفي الفترة التي سبقت الاجتماع، قدّم وزير البترول السعودي علي النعيمي إشارة تبرز أنه واجه معارضة في الرياض على التوقيع على أي اتفاق من شأنه أن يمنح تنازلات لإيران.

المملكة تستعد لاستعادة السيطرة

وكان النعيمي أعلن في شباط الماضي إنه في حين عدم طرح خفض الإنتاج على الطاولة، فإن التوصّل الى اتفاق لتجميد الإنتاج يمكن أن يكون "بداية لعملية ما".

اعتبر الكثيرون كلماته مؤشراً على أن المملكة تستعد لاستعادة السيطرة على سوق النفط للمرة الأولى منذ أواخر عام 2014، بعد أن سبق له التحذير من أن السعودية لن تهتم إذا ما انخفض سعر النفط إلى 20 دولاراً للبرميل بعد رفض روسيا الانضمام إلى عملية خفض الإنتاج عام 2014.

وظن الكثيرون أن موقف السعودية قد لان بعد عامين تقريباً من هبوط الأسعار بعد أن سحبت أكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية.

(هافينغتون بوست ـ فايننشال تايمز)