هناك مَن ظنّوا مسبقاً ولاحقاً بأن تصنيف "حزب الله" كمنظمة ارهابية هو حملة سياسية لا سند، فيها من التحامل والافتراء أكثر ما فيها من الحقائق والوقائع. وبعيداً عن جدال التعريفات المتعارضة لـ "الارهاب"، يُشار مثلاً الى أن الولايات المتحدة والدول الاوروبية لم تأخذ بتوصيف اسرائيل لـ "حزب الله" بـ "الارهابي" حين كان يخوض مقاومة ضد احتلالها جنوب لبنان. صحيح أن واشنطن كانت دائماً معادية لـ "الحزب"، سواء بسبب ارتباطه بإيران أو بسبب انحيازها لاسرائيل، إلا أن تصنيفها له "ارهابياً" جاء بعد عمليات نُسبت اليه في الخارج. أما دول اوروبا فحصرت هذا التصنيف بجناحه العسكري، آخذة في الاعتبار أن له نواباً منتخبين وأعضاء في مجلس الوزراء اللبناني، لكن ما برّر هذا التمييز بين الجناحين أن لدى دول اوروبية عدة ضباطاً وجنوداً في القوة الدولية لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) ولا تريد تعريضهم لعدائية من جانب "حزب الله". ومجرّد وجود هذا النوع من المخاطر يعني شيئاً.
لهذا السبب تحديداً تحفظّت اندونيسيا، الى جانب ايران والجزائر ولبنان، عن ادانة قمة اسطنبول الاسلامية الثالثة عشرة "حزب الله" لـ "قيامه بأعمال ارهابية في سوريا والبحرين واليمن والكويت"، ولـ "دعمه حركات وجماعات ارهابية تزعزع أمن واستقرار دول أعضاء" في منظمة التعاون الاسلامي. مارس لبنان تحفّظ المُرغَم على أمره تجنّباً لمشكلة داخلية اضافية ولذا لم يعد لمواقفه أي قيمة في أي محفل ديبلوماسي. أما تحفّظ ايران فكان مفهوماً لأن "الحزب" جهاز تابعٌ لها، وإدانته تراكم القرائن لإدانتها كدولة راعية للارهاب. لكن ايران واجهت في هذه المسألة اشكالاً قانونياً، ذاك أن الادانة في قمة اسطنبول جاءت من دول وحكومات ضد "حزب الله" بصفته ميليشيا لم يعد سلاحها يتمتّع بأي شرعية، وإلا لكانت طُرحت في هذه الحال ادانة لبنان كدولة ترعى هذه الميليشيا وجرائمها خارج الحدود، في سوريا وغيرها.
لن يكون مستبعداً، في فترة لاحقة، أن يُعرض ملف "الحزب" في الخارج أمام مجلس الأمن، فالدول المتضررة توثّق ما لديها من أدلّة، وحيثما يوجد حزب تابع لإيران توجد بُنى عسكرية وخلايا مسلّحة، حتى في الكويت حيث لا يشكو الشيعة من أي حيف أو ظلم. بل ان أي مراجعة لسلوك "حزب الله" في سوريا لا بدّ أن تتوقف عند مشاركته في حصارات التجويع. بالأمس أشار رياض حجاب، منسق هيئة المعارضة للمفاوضات، الى شاب تُرك يموت في مضايا ولم يُسمح بإخراجه. لكن، قبل ذلك، في السابع من هذا الشهر، تحدّث يان ايغلاند مسؤول المهمات الانسانية في سوريا عن ثلاثة صبية من مضايا أيضاً كان يمكن انقاذهم من الموت "لكن حزب الله قال لا لإجلائهم". اذا لم يكن هذا ارهاباً فما عساه يكون؟