استدعى الأردن سفيره في طهران، الاثنين، للتشاور معه ردا على سياسات إيران العدوانية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وجاء القرار بعد أسبوع على زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى عمان ولقائه بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي انتهى بتوجيه انتقادات حادة لطهران بسبب سياساتها بالمنطقة.

ويعكس هذا التطور تماهيا في الموقف الأردني مع مواقف دول الخليج بصفته عضوا مشاركا في مجلس التعاون الخليجي.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية، عن الناطق باسم الحكومة محمد المومني أن استدعاء السفير يأتي في إطار “وقفة تقييمية في ضوء استمرار تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول عربية وعلى الأخص دول الخليج”.

وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران، أزمة حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة، في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجا على إعدام نمر باقر النمر رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مدانا بالانتماء لـ”تنظيمات إرهابية”، في 2 يناير.

وفي أعقاب ذلك أخذت الأزمة بين البلدين منحى إقليميا لا سيما بعد إعلان 9 دول عربية اتخاذ إجراءات ومواقف دبلوماسية تضامنية مع السعودية.

وعن أسباب الوقفة التقييمية التي اتخذتها عمان الآن، قال المتحدث باسم الحكومة الأردنية “عندما تم الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي بين دول مجموعة 5 + 1 وإيران، عبرت الحكومة في حينه عن مساندتها ودعمها للاتفاق، مدفوعة بالأمل بأن يشكل هذا الاتفاق مقدمة لتطوير وتعزيز العلاقات العربية الإيرانية على أساس حسن الجوار ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل المشترك لتعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق الاستقرار في منطقتنا”.

واستدرك بالقول “إلا أن الفترة التي أعقبت التوقيع على ذلك الاتفاق شهدت، مواقف من قبل الحكومة الإيرانية لا تنسجم مع آمالنا”.

وأوضح المومني أنه “صدرت عن الحكومة الإيرانية، خلال هذه الفترة جملة من الأفعال والأقوال التي تشكل تدخلا مرفوضا من قبلنا في الشؤون الداخلية لدول عربية شقيقة وعلى الأخص دول الخليج العربية، ومساسا بمبادىء حسن الجوار التي نتوخاها في تعاملاتنا مع الدول المجاورة للعالم العربي”.

ويربط محللون التطور الجديد بانتعاشة التحالف المصري السعودي الأردني الإماراتي. واعتبر المحللون أن هذه الانتعاشة الملموسة جاءت بعد زيارة ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة، الأسبوع الماضي، والتي تزامنت مع زيارة أداها ولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات العربية المتحدة والأردن التي التقى خلالها الملك عبدالله الثاني الذي كسر قاعدة دبلوماسية متعارف عليها بإصدار بيان مشترك تضمن انتقادات لاذعة لسياسات إيران.

ويرى العديد أن الخطوة الأردنية، هي مؤشر على عمل رباعي موحد منتظر في مواجهة الأطماع الإيرانية في المنطقة.

وكانت القاهرة قد أعربت، الاثنين، في تصريحات لافتة على لسان المتحدث باسم خارجيتها أحمد أبوزيد عن وقوفها وتضامنها الكامل مع مملكة البحرين في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تستهدف أمنها واستقرارها وكذلك كافة ما تتخذه من إجراءات لمواجهة أعمال العنف.

وندد أبوزيد بأشد العبارات الهجوم الإرهابي على دورية أمنية في البحرين، السبت، باستخدام القنابل الحارقة، مما أسفر عن مقتل شرطي بحريني.

ومعلوم أن المنامة تتهم إيران وحزب الله بالوقوف خلف تأجيج الوضع في البحرين عبر دعم وتمويل خلايا إرهابية بالمملكة.

وكان البرلمان العربي قد أدان في ختام أعمال جلسته الرابعة التي عقدت الأحد بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، التدخل الخارجي الإيراني المباشر وغير المباشر من حزب الله اللبناني في شؤون الدول العربية.

وأكد رفضه لأي تدخل أجنبي من أي جهة في أي من الدول العربية بما يهدد سلامة أمنها القومي، معتبرا “حزب الله” جماعة إرهابية.

وقبله نددت القمة الـ13 لمنظمة “التعاون الإسلامي” التي اختتمت أعمالها الجمعة الماضية في مدينة إسطنبول التركية، بممارسات إيران وذراعها حزب الله.

ويرى متابعون أن هذه القرارات والخطوات المتتابعة تعكس في واقع الأمر توجها عربيا عمليا لمحاصرة إيران وأذرعها في الدول العربية، بعد أن ثبت بالكاشف عدم جدية الغرب والولايات المتحدة الأميركية خاصة في وقف هذه الدولة عن محاولاتها الدؤوبة تأجيج بؤر التوتر هناك، بعد الاتفاق النووي معها.

وفي هذا الإطار تندرج خطوة الأردن الأخيرة، والتي من شأنها أن تغلق باب التأويلات التي طفت على السطح في الفترة الماضية عن تقارب إيراني أردني.

وكانت أنباء قد تناثرت قبل فترة عن وجود عتب سعودي إزاء مسلك الأردن في التعامل مع طهران، خاصة في أعقاب الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها بمشهد، حيث اقتصرت الخارجية الأردنية على استدعاء السفير الإيراني للتنديد بالاعتداء، فيما كان من المنتظر أن تقدم عمان على سحب سفيرها من طهران أسوة بما قامت به الدول الخليجية.

وقبلها كان بعض المسؤولين الأردنيين على غرار وزير الأوقاف هايل داود قد زاروا طهران، ما أثار شكوكا كثيرة.

وبهذه الخطوة فإن الأردن يلجم الأصوات التي تزعم وجود مساع أردنية للتقارب مع إيران بعد الاتفاق الدولي معها.

وطالما اتسمت العلاقات الأردنية الإيرانية بالتوتر منذ العام 1979، حيث شهدت في أكثر من مرحلة قطعا للعلاقات. وكان ملك الأردن عبدالله الثاني أول المحذرين من الهلال الشيعي الذي تعمل إيران على قيامه.