إفتتح وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور المعرض السنوي للمنظمات غير الحكومية، في أوديتوريوم معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت والذي ينظمه مركز الإلتزام المدني وخدمة المجتمع في الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للاعلام، وذلك بحضور السيدة نورا جنبلاط ومنسق أنشطة الأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني ووكيل الشؤون الأكاديمية بالإنابة الدكتور محمد حراجلي، وحشد من ممثلي منظمات المجتمع المدني المشاركة في المعرض الذي يستمر حتى يوم غد.

ولفت أبو فاعور إلى أنه "عندما تلقى الدعوة من السيدة نورا جنبلاط للمشاركة في هذا اللقاء شعر بفخر كبير وحماسة أكبر لأن يقف فوق منبر الجامعة التي تعلم فيها، وقد كان يجلس في صفوف طلابها. وقال: إن هذه الجامعة تخطت دورها الأكاديمي، وعلى حد قول رئيسها الجديد فضلو خوري، تريد أن تتخطى أسوارها، وهي طالما تجاوزت أسوارها بالمعنى الرسولي الذي نحتاج إليه اليوم في لبنان وهذا الشرق".

وأضاف: إن "هذه الجامعة رسمت خيطاً رفيعاً بين التعليم وبين الإنجاز، بين التعليم وبين الفكر والتبشير بما يؤدي إلى رفعة هذا المجتمع".

وأبدى اعتقاده بأن المواجهة الكبرى التي حسمت وجهة الجامعة الأميركية كانت في الجدل الذي أثاره الأستاذ لويس حول الفلسفة والدين والفكر وحرية الفكر على خلفية قضية داروين الشهيرة المتعلقة بنشوء الإنسان وأصله، والتي كانت الجامعة ترفض تدريسها لاعتبارات دينية في أواخر القرن التاسع عشر. وعندما ناصر طلاب ومن بينهم فيليب حتي وجرجي زيدان الأستاذ لويس، تم طردهما مع زملاء لهما من الجامعة. وقد ذهبت مجموعة من الطلاب إلى مصر، قبل أن تحسم الجامعة الأميركية خياراتها وتقبل بهؤلاء الطلاب وتمنحهم شهاداتهم، وتطلق حرية الفكر على مداها الأوسع.

وذكّر أبو فاعور بأن "البعض استفاد من هذه الحرية بأن أطلق تيارات فكرية كالقومية العربية التي تداعى هذا الشرق بعدما تداعت! أضاف أنه استفاد شخصيا من مناخات الحرية في الجامعة الأميركية في ما سمّاه البعض شغبًا، فيما لم يكن شغباً لأنه كان لأهداف محقة". وأردف أبو فاعور مشيراً إلى أنه "عمد وزملاء له في إحدى المرات إلى إقفال الصفوف بسبب مجزرة تم ارتكابها في السودان، وذلك رغبة في نصرة الشعوب المظلومة".

وإذ لفت إلى أن الجامعة الأميركية بقيت منحازة إلى الفكر، قال إن "السواد يلف اليوم بلادنا كما العقول والقلوب والأنظمة والحكام ما أفضى إلى نتائج كارثية".

وأثار إلى ما يعانيه الشعب السوري من قتل وتجهيز يحتّم احتضانه، وخصوصًا لجهة ما هو معرّض له من تجهيل. وأكد أن "محاولة فعلية لتجهيل الشعب السوري قائلا: تخيلوا أن ينشأ جيل أمّي في سوريا، فتخيلوا عندئذ مستقبل سوريا ومستقبل هذه المنطقة!".

وتابع أن "أهمية المعرض الذي تقيمه الجامعة الأميركية اليوم، تكمن في تحفيز فكرة العمل الأهلي المدني الإجتماعي الذي يقوم بدور كبير لمواجهة المعضلات التي نتعرض لها. ولا شك أن المجتمع الأهلي يقوم بدور أساسي في موضوع النزوح السوري، ويأتي تعليم النازحين في هذا السياق".

وأضاف أن دور الجامعة الأميركية في هذه المرحلة يكمن في الإبقاء على فكرة التعليم في هذه البلاد، وما تقوم به هو استمرار لهذا الدور والرسولية في تقديم كل جديد نطمح إليه.

متحدثاً عن المجتمع المدني، لفت أبو فاعور إلى "مقولة مفادها أن على المجتمع المدني منع تغوّل الدولة على الفرد والمواطن. ولكن، للأسف، في ظل ما نعيشه اليوم، لم يعد دور المجتمع الأهلي والجمعيات الرصينة في منع تغوّل الدولة، بل في منع انهيارها في زمن تنهار فيه المؤسسات وتتعرض للشلل أو تكون على طريق الشلل ما يجعل الدولة في الحضيض". ورأى أنه "على المجتمع المدني مواجهة لعنة هدم المؤسسات والحفاظ على بنيان الدولة والبنيان الإجتماعي المشترك".

وأضاف إن "أزمة النفايات كشفت عرينا لأنها كشفت عدم وحدتنا الإجتماعية. وقد شكلت سقوطًا كبيرًا لمبدأ المواطنية، وللحكم المركزي الذي كان يمك أن يكون جامعاً بين اللبنانيين. لذا تبدو المسؤولية مضاعفة على المجتمع الأهلي، خصوصاً في ظل احتساب المؤسسات على الطوائف؛ فإذا استندت المؤسسات إلى طائفة قوية، تكون محفوظة، وإذا استندت إلى طائفة ضعيفة تكون ضعيفة. وذكّر بما قاله كمال جنبلاط في المؤسسات، فاعتبر أن المؤسسات تُقدس أو تُلعن بقدر ما تخدم الإنسان وليس بقدر ما تخدم الطائفة".

وتابع الوزير أبو فاعور مضيفا أنه "إذا كان له رأي نقدي يقوله في المجتمع المدني من على منبر النقد في الجامعة الأميركية، فهو دعوة مؤسسات المجتمع المدني إلى تنقية صفوفها"، مشيراً إلى أن "عدداً من هيئات المجتمع المدني والأهلي تحولت إلى منابر عائلية وحزبية وطائفية لتحقيق استفادات مالية غير مشروعة، ما يعطي فكرة خاطئة عن مؤسسات المجتمع المدني الرصينة التي تحتاج لأن تتلقى الدعم".

وختم وزير الصحة العامة آملا أن تتكامل أدوار الدولة مع أدوار المجتمع الأهلي فنصيغ مستقبلا يقوم على هذه الشراكة.