حضر الرئيس الفرنسي إلى لبنان مشكوراً، وقد لاحظ اللبنانيون أنّهم يفتقدون إلى رئيس يستقبل رئيس جمهورية فرنسا بما يليقُ به على أرض المطار.

ومهما يكن، فقد حضر الضيف ، وهو يدري أنّ غياب رئيس لبناني هو خللٌ فادح في بُنية مؤسسات الدولة، وللأسف، لا يستطيع السياسيون اللبنانيون وحدهم معالجة هذا الخلل، دون التّدخُل الأجنبي، الذي أصبحت له اليد الطولى في معالجة المسائل السياسية الشائكة التي يعاني منها لبنان، فإيران والسعودية، دولتان إقليميّتان تتواجهان في المنطقة منذ ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، بفترات تتراوح بين الهدوء والغليان، وحتى الآن لم تتضافر جهود هاتين الدولتين أو تتقارب لحل مشكلة الرئاسة اللبنانية العالقة، لا بل إنّ الأمور مُقبلة على ما يزيد من التعقيد، ولم تُفلح اتفاقية الملف النووي الإيراني في دفع الأمور قُدماً كما كان متوقّعاً ، ويبدو أنّالدور الأميركي في هذا المأزق ما زال مُؤجّلاً، في هذه الأثناء تجشّم الضيف الفرنسي مشقّة القدوم بشخصه الكريم. 

واستقبل من كان يجب أن يستقبله في دار السفارة، وزار من كان يتوجّب عليه زيارتهم، بما فيها مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع، وتكرّم ببعض المساعدات للدولة والجيش، انتقص البعض من قيمتها وأهمّيتها، كل هذا ما زال طبيعياً، أما أن تنبري بعض الأحزاب ومعهم بعض السياسيين للنيل من شخص الرئيس الفرنسي، وتشويه معاني زيارته وأهدافها، فهذا هو المُنكر بعينه.

فقد تطوّع الحزب الشيوعي وأصدر بياناً مستنكرا الزيارة من أساسها، وألغى حزب الله لقاءً مُبرمجا مع الرئيس ونُواب الحزب، وحتى النائب أيوب حميد ، وفي خطاب عنجهي ،من على منبر حسيني، سخر من الذين يزرعون الخراب، ويسفكون الدماء في بلادنا، ثمّ يصطحبون معهم بعض اللاجئين، لإظهار تعاطفهم وطهارتهم. ولو فتّشت( بالابرة والفتيلة) عن مساهماته الشخصية، ومساهمات (الأستاذ) وحركة أمل، لقضية اللاجئين السوريين، منذ ما يزيد على خمس سنوات، لوجدتها صفراً مكعباً.

والشيء بالشيء يُذكر، فقد قامت زعامة الرئيس بري، وحركة المحرومين، بفضل الدعم اللامحدود الذي قدمته القيادة السورية لحركة أمل، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، بوجه الحركة الوطنية اللبنانية، والمقاومة الفلسطينية معاً.ولم يسلم الرئيس الفرنسي من بعض الانتقاد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا وذاك، مُحيّر فعلا، ويدعو إلى الاستهجان والاشمئزاز ، فالرئيس الضيف ليس مسؤولاً عن فساد التركيبة السياسية الحاكمة، وعجزها عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما أنّه ليس مسؤولاً طبعا عن إلغاء الهبة السعودية، وهلمّ جرا، ولعلّ من المفيد التذكير بأنّه خيرٌ للقرعاء أن تهتمّ بمداواة قرعتها، بدل التغني بشعر بنت خالتها.