كشفت زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لبيروت بغية لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، السر المعلن والمتمثل في الدور الذي يلعبه نصرالله في التقريب بين الصدر وإيران والتنسيق بينهما.

وذكر مصدر سياسي لبناني أن نصرالله كان أقنع الصدر بفك اعتصام أنصاره في المنطقة الخضراء في بغداد قبل نحو أسبوعين والتخلي عن السقف العالي لمطالبه.

وحذر نصرالله الصدر من أن تحركه يسيء إلى وحدة الصف الشيعي، خصوصا بتركيزه على محاربة الفساد الذي استشرى في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ووصل زعيم التيار الصدري في زيارة لم يعلن عنها، إلى بيروت للقاء الأمين العام لحزب الله، في حين توجه وفد من الهيئة السياسية للتيار الصدري إلى قم الإيرانية للاجتماع مع المرجع الشيعي الإيراني آية الله كاظم حائري الذي يعتبره الصدريون مرشدا أعلى لهم حسب وصية تركها محمد محمد صادق الصدر قبل مقتله في مطلع العام 1999.

ومعروف أن علاقة خاصة تربط المالكي بنصرالله وحزب الله. وكان من بين مظاهر هذه العلاقة رفع الحزب لصور المالكي على طريق مطار بيروت، عندما تقدم الأحزاب الأخرى في الانتخابات النيابية للعام 2014.

وكشف المصدر السياسي اللبناني أيضا أن مجيء الصدر إلى بيروت يؤكد دور حزب الله خارج الحدود اللبنانية بصفته ذراعا إيرانية تستخدم متى تدعو الحاجة إلى ذلك.

ويرتبط الصدر بعلاقات وثيقة مع حسن نصرالله وكثيرا ما كانا يتبادلان الرسائل بينهما، في الوقت الذي يتولى ابن عم زعيم التيار الصدري النائب السابق جعفر محمد باقر الصدر المقيم في بيروت برعاية حزب الله مهمة التنسيق بين الجانبين.

وامتنعت مصادر نيابية صدرية في بغداد عن الإدلاء بتوضيحات عن سر الزيارة المفاجئة لزعيم التيار الصدري إلى بيروت، غير أن أوساطا سياسية في النجف لمحت إلى استياء الصدر من اعتذار المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني من استقباله بحجة مرضه، في حين كشفت مواقع إخبارية شيعية لبنانية عن أن الصدر سيلتقي مع نصرالله ورئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري دون أن تخوض في التفاصيل.

وكانت أنباء تداولتها أوساط سياسية شيعية في بغداد والنجف قد أشارت في وقت سابق إلى تلقي مقتدى الصدر رسالة من نصرالله تنصحه بالعمل على دعم التحالف الوطني وعدم الانسحاب منه والتعاون مع ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى وبقية مكوناته حفاظا على البيت الشيعي في العراق ومواجهة ما سمي بالمشروع الأميركي الذي يجمع السنة العرب والأكراد وشيعة واشنطن للاستحواذ على السلطة.

وفي الوقت الذي كان الصدر يرافقه رئيس الكتلة الصدرية ضياء الأسدي يصلان إلى بيروت، غادر وفد من الهيئة السياسية للتيار الصدري برئاسة الشيخ علي سميسم على متن طائرة خاصة من مطار النجف إلى طهران للاجتماع مع حائري.

ونقلا عن مصادر نيابية شيعية غير صدرية فإن زيارة وفد الهيئة السياسية للتيار الصدري إلى طهران تأتي في أعقاب فتور في العلاقات بين التيار وإيران على خلفية اعتصامات الصدريين في المنطقة الخضراء وفقدان التنسيق بينهم وبين الأطراف الشيعية في إطار التحالف الوطني وظهور سجالات مع حزب الدعوة برئاسة نوري المالكي ومطالبتهم بتشكيل حكومة تكنوقراط خارج نظام المحاصصات الحزبية والسياسية، وهو ما لا يحبذه أصحاب القرار الإيراني.

ويعد كاظم حائري، الذي درس في الحوزة النجفية وغادر العراق في عام 1973، واحدا من قادة حزب الدعوة وانتخب فقيها للحزب في إيران عام 1986 قبل أن يعلن انشقاقه بعد سنة واحدة لخلافات عقائدية وفقهية مع قادة الحزب الآخرين أمثال مهدي آصفي وإبراهيم الجعفري وعلي الأديب.

ويعرف حائري بتطرفه الديني ودعواته إلى تطبيق ولاية الفقيه رغم خلافاته العقائدية مع أوساط مقربة من خامنئي.

وقال أستاذ الفقه الشيعي ياسر عبدالرسول لـ”العباسية نيوز” إنه يرى زيارة الوفد الصدري إلى إيران للقاء آية الله كاظم حائري مسألة طبيعية للاجتماع به وجها لوجه وتلقي توجيهاته، معربا عن اعتقاده بأن حائري سيطلب من الوفد ضرورة عدم الانفراد باتخاذ قرارات سياسية تتعارض مع الأحزاب الشيعية الأخرى، فهو من مدرسة تدعو إلى تعاون جميع الأطراف الشيعية سياسيا وعدم التفريط في الحكم رغم خلافاتها.

 

صحيفة العرب