كان الوثنيون في بلاد اليونان، وبلاد الرافدين ومصر الفراعنة، وبلاد الشام،قد أبدعوا مفهوم الآلهة ، وكانت هذه الآلهة في خدمتهم للتنبؤ بالاوبئة ، أو القحط والخصب، أو الحرب والسلم، وكانت الآلهة مثالات للتسامي الإنساني كالجمال والكمال والحب والفداء، والفضيلة والشجاعة.

وظلّت الآلهة على عظمتها وهيبتها وفعاليتها حتى تمكّن أجدادنا العبرانيون(هم يأنفون من نسبنا لهم) من توحيد الآلهة بالاله الواحد، الذي اختار شعباً لتبليغ رسالاته، فأبدعوا ما لم يتمكن أحدٌ قبلهم من التجرؤ عليه، فوصلوا ما بين الخطاب الإلهي والخطاب البشري، فهم أولّ من خاطبهم الله وأنزل شرائعه فيهم بواسطة الأنبياء.

والخطاب لم يكن وجاهياً، بل عبر الشجرة المباركة في الوادي المقدس، وفي حالة السيد المسيح تيسّر جعل الخطاب الإلهي خطاباً بشرياً، باتحاد الاقانيم الثلاثة.

وفي الإسلام تيسّر نقل الخطاب الإلهي بواسطة الملاك جبريل، فتحول كلاماً إلهىياً بلغة بشرية على لسان نبيٍّ ناطق، وهذا ما تسبّب بما عُرف فيما بعد بمحنة"خلق القرآن".

وما زال نصف سكان المعمورة يعيشون على هذا التراث.

وإن كانت فترة النبوة قد خُتمت بالنبي محمد بن عبد الله، فإنّ سيل الأنبياء لم ينفد ولم يتوقف، منذ أكثر من أربعة عشر قرناً حتى اليوم، وقد زالت عنهم الحُجُب، فيُمرّرون جرائمهم ومخازيهم وهلوساتهم ونبؤاتهم عبر الوصل بين الإلهي والبشري ،دون المرور ،أو العودة إلى شجرة مباركة، أو ملاك يتنقل بين السماء والأرض.