تناقلت بعض الصحف الفرنسية معلومات حول الهدف الحقيقي لخلية بروكس الإرهابية التي نفذت عمليات في باريس وبروكسل، إذ أشارت إلى أنها خططت لاستهداف بطولة كأس الأمم الأوروبية التي تقام بفرنسا الصيف القادم.

 

وكشفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن محمد عبريني الذي ألقي القبض عليه الجمعة الماضي، أخبر المحققين البلجيكيين أن المجموعة الإسلامية لم تضع بروكسل على قائمة أولوياتها، إذ كانت الخلية الإرهابية تتأهّب لشنّ هجومٍ في فرنسا مرةً أخرى، بعد سلسلة الهجمات الانتحارية التي نفذتها في تشرين الثاني الماضي ما أودى بحياة 130 شخصاً، فضلاً عن مئات الجرحى، وذلك حسبما أخبر عبريني المحققين بحسب تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية.

ونقلت صحيفة "ليبراسيون" عن المحققين قولهم: "حسب معلوماتنا، فإن محمد عبريني أوضح أن النوايا الرئيسية لخليته الإرهابية الفرنسية البلجيكية، والتي عملت في الخفاء، كانت تنفيذ عمليات إرهابية خلال بطولة الأمم الأوروبية".

ومن المتوقع أن تستضيف 10 مدن فرنسية بطولة كأس الأمم الأوروبية، التي ستقام في الفترة بين 10 حزيران وحتى 10 تموز من هذ العام.

حيث تقام المباراة الافتتاحية وكذلك المباراة النهائية في ملعب "دو فرانس"، الذي كان ضمن الأماكن التي استهدفتها الخلية الإرهابية في 13 تشرين الثاني الماضي.

ولم تسبب تلك الأنباء أي مفاجأة للشرطة الفرنسية، فقد أخبر ضابط شرطة فرنسي الصحيفة قائلاً "بالكاد يمكن اعتبار تلك الأخبار، المتعلقة بتخطيط الإرهابيين لتنفيذ هجمات بباريس خلال البطولة، سبقاً صحفياً. فدائماً ما تبحث الشرطة السيناريوهات المحتملة لوقوع هجمات من أجل تدبير كيفية الاستجابة لتلك التهديدات".

وانتشرت تقارير تفيد بأن عبريني أخبر المحققين أن منفذي العملية شعروا بالخوف من أن الشرطة ستغلق أمامهم السبل لتنفيذ خططهم بعد القبض على صلاح عبد السلام، الذي يعتقد أنه الناجي الوحيد من هجمات باريس.

فبعد ثلاثة أيام من إلقاء القبض على عبد السلام، وتوارُد تقارير عن تعاونه مع الشرطة، قرر أفراد الخلية تغيير أهدافهم لتصبح مجموعة من الهجمات المنسقة في مطار بروكسل ومترو المدينة، مما أدى إلى مقتل 32 شخصاً.

وكشف المحققون عن وجود ارتباطات واضحة بين الخلية التي نفذت هجمات بروكسل والمجموعة التي خططت لهجمات باريس ونفذتها في تشرين الثاني الماضي. كما تنتمي كلتاهما لتنظيم "داعش".

وأعلن المحققون البلجيكيون نهاية الأسبوع الماضي أن عبريني، البالغ من العمر 31 عاماً وهو مشتبه رئيسي بالضلوع في تنفيذ هجمات باريس، اعترف أمامهم أنه كان ثالث المنفذين لتفجيرات مطار بروكسل.

واشتهر عبريني من خلال الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة في المطار بـ"الرجل الذي يرتدي القبعة"، حيث ترك حقيبة كبيرة ممتلئة بالمتفجرات داخل المطار وفرّ هارباً سيراً على الأقدام. وتمكنت قوات الشرطة من إلقاء القبض عليه يوم الجمعة بعد مداهمة المكان الذي اختبأ فيه.

وكانت الشرطة تطارد عبريني منذ 4 أشهر قبل ضلوعه في تفجيرات بروكسل، وذلك بعد أن أظهرت كاميرات المراقبة في باريس صوراً له باعتباره سائق السيارة "رينو كليو" التي استخدمها المسلحون خلال هجمات باريس.

وربطت التحقيقات بين مجموعة كبيرة من الرجال الذين اشتبهت الشرطة في ضلوعهم في الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس ثم بروكسل، والذين كان بعضهم أصدقاء منذ الطفولة.

وكانت الشرطة البلجيكية تتعاون مع نظيرتها الفرنسية خلال الأسبوع الذي سبق هجمات بروكسل، من أجل ملاحقة الأشخاص المشتبه بضلوعهم في شن سلسلة من الهجمات في باريس.

حيث تمكنت الشرطة البلجيكية من إلقاء القبض على صلاح عبد السلام، الذي كان على رأس قائمة المطلوبين في أوروبا، بعد أربعة أشهر من الملاحقة.

واستأجر عبد السلام سيارتين استخدمتا في هجمات باريس تحت اسمه الحقيقي، فضلاً عن حجز غرف الفندق التي استخدمها المنفذون. حيث سافر من بلجيكا إلى باريس مع عبريني صديق الطفولة، كما قاد السيارة التي أوصلت الانتحاريين الثلاثة الذين نفذوا تفجيرات ملعب "دو فرانس".

وألقت قوات الشرطة القبض عليه بعد اختبائه في مولينبيك ببروكسل في شقة لا تبعد كثيراً عن الشارع الذي يعيش فيه أبواه.

وقبل أيام من القبض على عبد السلام، قوبلت قوات الشرطة بوابل من الرصاص أطلقه مسلحون من خلف باب إحدى الشقق الواقعة بمنطقة غابات بروكسل، والتي داهمتها الشرطة آنذاك وظنت أنها خاوية.

وتمكن أحد قناصة الشرطة من قتل الجزائري محمد بلقايد البالغ من العمر 35 وهو أحد المسلحين، والذي عرفته النيابة بأنه مشتبه به رئيسي في الضلوع بتوفير الدعم اللوجستي لمنفذي هجمات باريس.

وقال ثيري ويرتس، من مكتب النيابة الفيدرالية البلجيكية "إن جثته كانت بجانبها بندقية كلاشينكوف وكتاب عن السلفية وعلم لتنظيم الدولة الإسلامية".

كما عثرت الشرطة على بصمات لعبد السلام بتلك الشقة.

ولدى المنفذين الأربعة لعمليات بروكسل- ثلاثة منهم نفذوا هجمات المطار والرابع نفذ عملية المترو- علاقة بالتخطيط والدعم اللوجستي لهجمات باريس التي وقعت منذ أربعة أشهر.

حيث يُشتبه بضلوع خالد البكراوي البالغ من العمر 27 عاماً، الذي فجر نفسه في مترو بروكسل بعد أن فجر أخوه الأكبر، إبراهيم البكراوي، حزامه الناسف بمطار بروكسل، في تقديم الدعم اللوجستي لمنفذي هجمات باريس.

وهو نفسه الذي استأجر الشقة التي داهمتها الشرطة في منطقة غابات بروكسل تحت اسم مزيف.

كما يعتقد أيضاً أنه استأجر شقة في مدينة "شارلروا" جنوب بلجيكا، والتي استخدمها معظم منفذي هجمات باريس للتخطيط لتلك الهجمات.

أما نجيم العشراوي، 24 عاماً، الذي ترعرع في شوارع بروكسل والذي فجر نفسه في المطار، فيشتبه أيضاً أنه عضو بتنظيم الدولة الإسلامية وأنه صانع القنابل الذي ثبت أن حمض ال DNA الخاص به كان موجوداً على الأحزمة الناسفة التي استخدمت في هجمات باريس.

وقد قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بعد أيام من هجمات بروكسل إن الشبكة المسؤولة عن هجمات باريس وبروكسل "يتمّ تدميرها"، لكنه عاد وأضاف أن ثمة شبكات أخرى وأنه لا تزال ثمة تهديدات تلوح في الأفق.

"داعش" أدار العمليات من سوريا

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة "هت لاتسته نيوز" على موقعها الإلكتروني، أن إرهابيي باريس وبروكسل كانوا على تواصل مستمر مع آخرين في سوريا.

وتعتقد الشرطة الفدرالية البلجيكية أن هجمات باريس وبروكسل تمت إدارتها بالكامل من الداخل السوري، بحسب ملف صوتي عثر عليه المحققون على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بالإرهابي إبراهيم البكراوي، والذي تخلص منه بإلقائه في إحدى سلال القمامة القريبة من مسكنه بحي سخاربيك، قبل أن يفجر نفسه في مطار بروكسل صبيحة 22 آذار الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن المحققين اكتشفوا من خلال الملف الصوتي، والذي تزيد مدته عن 4 دقائق بقليل، أن هجمات بروكسل تمت إدارتها بالكامل من الداخل السوري، وتحديداً من مدينة الرقة التي اتخذها داعش عاصمة له، حيث كان الإرهابيون يتواصلون بشكل مستمر مع أحد المسؤولين في داعش هناك حول الخطوات التي يجب عليهم القيام بها.

كما أثبت التسجيل الصوتي أن الإرهابيين كانت لديهم العديد من الأهداف الحيوية المستهدفة في أوربا، وضم التسجيل الصوتي كذلك تبادلاً لوجهات النظر حول توقيت الهجمات وأماكنها، وتوزيع الأدوار على الإرهابيين المشاركين فيها.

وقالت الصحيفة إن الشرطة الفدرالية لم تتعرف بعد على شخصية المسؤول في داعش الذي كان يقوم بتوجيه الإرهابيين الموجودين في أوروبا.

(The Guardian - Huffington Post - 24)