كأن كشف بيت للداعرة في بيروت هو بمثابة فتح عظيم أو أنه استحقاق كبير في بلد لا دعارة فيه وتمّ اختراقه بمكر ماكرين لضرب بيئاته المحافظة وسلب أهله لذة الأمن الجنسي الذي لا يعرفونه الاّ من خلال مواضعه الطبيعية والشرعية في علاقات مختومة بختم الكاهن والكنيسة والشيخ ودعواه ودعوته الملحة الى التناسل بوفرة وكثرة لحفظ الدين ونصره واعزازه بخلف صالح يباهي به النبيّ الأكرم الأمم الأخرى في الدنيا والآخرة .

  تسابق المتسابقون الاعلاميون في المكتوب والمسموع والمرئي في الكشف عن جريمة الجرائم في لبنان لفتيات يعرضن هواهن لمن يشتري كرهاً أو طوعاً ضمن حلقة واسعة من المنتفعين الداعرين ولأن الممنوع السياسي مسموح في الجنس لجأ أبطال الاعلام الى اثارة الموضوع بطريقة درامية لم تشر فيه الى شيء غير معروف أو غير معلوم حتى بالنسبة للبعيدين عن المتابعات للأزمات اللبنانية بمرارة تفاصيلها .

  دائماً تتجه وسائل اعلامية لفضح المكشوف لا المستور وتبتعد عن كل ما يتصل بالجرائم الأساسية والتي تتعلق بمصير وطن بل وتُسهم من خلال تحريضاتها الطائفية والحزبية والفئوية الى تغذية عناصر الفرقة في لبنان وتشجع على استعمال واستخدام أدوات الحرب والقتال والدمار . ونرى باستمرار ولادة برامج لاهية من شأنها توظيف الاحتقان الاجتماعي في فساد غير مجدي أيّ أنها تتحرك وفق خطوط محطوطة ومرسومة لها سلفاً لتقطيع أوقات المشاهدين حيث لا يجب وابعادهم عن كلّ ما له صلة بواقعهم الفعلي لا الوهمي المصنع في مطابخ الطبقة السياسية.

  تلعب الشبكات الاعلامية في لبنان نفس الأدوار التي تلعبها الشبكات السياسية بل وبجهد أكبر كونها الوسائل الأكثر سهولة والأكثر تأثيراً لذا لم نرى بعد اعلاماً خارج التوظيف السياسي ولم نشاهد برامج خارج الاستهلاك الاجتماعي وفق شروط مسبقة لقوى الفعل المباشر في السلطة وخارجها لذلك هناك دوائر مختصة ترعى هذا البرنامج وذاك وفق آليات محددة وتلبية لحاجات سياسية ضرورية .

  من هنا يُباع الاعلام في المزاد السياسي وبالأمس شاهدنا وبشكل واضح ومباشر كيف تمّت عملية الشراء العلني لمقروء لم يعد قادراً على الاستمرار في ظل سيطرة كاملة "للالكترونيّات" وحاول ناشروه استغلال الفرصة لاقتناص ما يضاعف الأجر أو الاستثمار في خدمات جديدة .

  شهد ويشهد لبنان موجة جديدة من الدعارة الداخلة في الحسابات السياسية كونها محميّة لا بواسطة القوانين بل بواسطة قطّاع طرق متوفرون في كل نقاط القوّة وما تمّ كشفه للرأي العام تسلية سياسية بواسطة اعلامية انسجاماً مع ما يجري في لبنان من صراع على الرئاسة من جهة وعلى دوره العربي من جهة ثانية .