التقى نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف بممثلي المعارضة السورية، أثناء زيارة عمل يقوم بها إلى العاصمة المصرية القاهرة.

وأفادت وكالة إيتار تاس الروسية بأن بوجدانوف عقد في إطار زيارته إلى القاهرة لقاءين منفصلين، الأربعاء والخميس، أولهما مع وفد مجموعة القاهرة للمعارضة السورية، الذي ضم جمال سليمان وجهاد مقدسي وخالد محاميد، فيما جمع اللقاء الثاني المبعوث الروسي بالرئيس السابق لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا.

وأكد الطرفان خلال اللقاء على أهمية التسوية السياسية العادلة في سوريا عن طريق عملية تفاوضية سورية – سورية تجري على أساس بيان جنيف 1.

من جانبه أكد مبعوث الرئيس الروسي، أن موسكو ملتزمة بما تم الاتفاق عليه في فيينا وميونيخ وجنيف، مؤكدا أن لقاءه برئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا كان لتبادل الآراء والأفكار، وهو شيء مهم جدا لأنه يمثل عددا كبيرا من السوريين في الداخل والخارج.

وأوضح بوجدانوف أن موسكو تجري تشاورات ولها تفاهمات كبيرة مع الجانب الأميركي، مؤكدا أنها تعمل مع مصر والسعودية ودول الخليج وتركيا وإيران والأطراف الدولية لتشجيع السوريين على الاتفاق حول حل سياسي نهائي للأزمة. وبحث الطرفان آليات الحل السياسي من كل جوانبها وأبعادها.

ولفت الجربا إلى النتائج الفاشلة للجولة الأخيرة من المفاوضات السورية -السورية التي جرت بجنيف في مارس الماضي، محملا النظام مسؤولية هذا الفشل.

كما أشار أحمد الجربا إلى عملية وقف الأعمال العدائية في سوريا وضرورة تكريسها ومنع النظام من استمرار انتهاكها، إضافة إلى ضرورة أن تضغط موسكو على النظام لتطبيق الإجراءات الخاصة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

ويقول مراقبون إن حرص موسكو على لقاء جميع أطياف المعارضة السورية حتى تلك التي تعد الأشرس في مواجهتها يعكس رغبة كبيرة لدى الروس في إنجاح المفاوضات المقبلة من خلال إقناع أكبر ما يمكن من الفصائل والأحزاب على اختلاف توجهاتها بالجلوس إلى وفد النظام السوري.

ويقول محللون إن موسكو تتجه بقوة إلى المسك بكل خيوط الملف السوري، فبعد أن حقق تدخلها العسكري نتائج كبيرة على الأرض تطمح الآن إلى نجاح سياسي مماثل نتائجه الأولى جسر الهوة بينها وبين قوى المعارضة. وعلى الرغم من التكتم على ما دار في كواليس اللقاء والاكتفاء بالإعلان عن بيانات روتينية، فإن محللين لم يستبعدوا أن تكون موسكو قد قدمت ضمانات للمعارضة التي ترغب بشدة في تنحي الأسد.

وتأتي هذه اللقاءات الروسية مع أعضاء بارزين في المعارضة السورية قبيل بدء جولة جديدة من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب في البلاد.

وتستأنف في جنيف الأسبوع المقبل المحادثات دون أن يبدي الرئيس بشار الأسد، الذي تدعم إيران وروسيا حملته العسكرية للقضاء على المعارضة الساعية للإطاحة به، استعدادا لقبول حل وسط.

ويأتي الموقف السوري رغم مطالب المعارضة بتنحي الأسد للسماح بفترة انتقالية يقول الغرب إنها ضرورية لتسوية الصراع. ففي العام الماضي كان تقدم المعارضة يهدد الأسد غير أن التدخل الروسي ودعم الميليشيات الطائفية قلبا الأمور رأسا على عقب بل ومكنا جيشه من استرداد بعض ما خسره من أراض من المعارضة المسلحة ومن الجهاديين في تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي حين يتشكك خبراء في شؤون سوريا في أنه سيتمكن من استعادة البلاد بالكامل دون تدخل بري واسع النطاق من جانب روسيا وإيران وهو أمر مستبعد، فهم يتشككون أيضا في أن الرئيس فلاديمير بوتين الذي هب لإنقاذ الرئيس السوري في سبتمبر الماضي سيرغمه على التنازل عن السلطة دون مسار واضح لتحقيق الاستقرار، وهو أمر قد يستغرق سنوات.

وبدلا من ذلك دفع التدخل الروسي، بعد 5 سنوات من تأرجح الموقف في القتال بين الأسد وقوات المعارضة المتشرذمة، ميزان القوى لصالحه لتصبح له اليد العليا على مائدة التفاوض في جنيف. وكان الهدف الرئيسي للقصف الجوي الروسي هو المعارضة السورية وقوات الإسلاميين التي شنت هجوما في الصيف الماضي.

ولم تستهدف القوات الروسية والسورية تنظيم داعش إلا في الآونة الأخيرة وكان أبرز ما تحقق في هذا الصدد استعادة مدينة تدمر التي اجتاحها الجهاديون في العام الماضي.

وتلقت الحملة الروسية في سوريا دعما صينيا، الجمعة، حيث أشاد أول مبعوث صيني خاص بشأن الأزمة السورية بالدور الذي لعبه الجيش الروسي في الحرب، وقال إنه يجب على المجتمع الدولي أن يعزز جهوده لهزيمة الإرهاب في المنطقة.

وفي حديثه للصحافيين في بكين بعد تعيينه الأسبوع الماضي قال المبعوث شي شياو يان “إن العمليات العسكرية الروسية جاءت بناء على دعوة من الحكومة السورية بهدف ضرب المتطرفين المحليين”.

وقال شي “عمليات روسيا لمكافحة الإرهابيين في سوريا جزء من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. العمليات العسكرية الروسية في سوريا خلال الستة شهور الماضية تمكنت بفاعلية من وقف انتشار المتطرفين والإرهابيين هناك. أعتقد أن هذا تقدم مشجع″.

وتفوقت حتى الآن الحملة الروسية التي دعمها الحرس الثوري الإيراني وفصائل شيعية، على المعارضة المتشرذمة بما فيها تنظيم جبهة النصرة المرتبط بتنظيم القاعدة ووحدات أخرى معتدلة.

ويقول محللون إن هذه الجماعات كانت في ما يبدو الهدف الرئيسي من التدخل الروسي.

ويقول خضر خضور من مركز كارنيغي للشرق الأوسط “التدخل الروسي أعاد في الأساس تشكيل الصراع السوري… ولم يعد لزخم المعارضة أي وجود”. ويضيف “من دون شك دعم الروس الأسد ووضعوه في موقف أقوى، لكن الأهم أنهم أضعفوا المعارضة وهو ما كان هدفهم الرئيسي”. ويقول دبلوماسيون إن بوتين أضعف المعارضة لدفعها إلى قبول تسوية بالشروط الروسية والسورية. وهذه الشروط ليست السلطة الانتقالية التي تطالب بها الولايات المتحدة وحلفاؤها بل هي توسيع الحكومة لتشمل عناصر من المعارضة على أن يكون الأسد على رأسها في المستقبل القريب.

وما زالت روسيا تريد أن يقود الأسد الفترة الانتقالية حتى الانتخابات في حين تصر المعارضة وحلفاؤها الإقليميون على ضرورة تنحيه فوريا عن السلطة.

 

صحيفة العرب