ثمة دور غربي وأميركي متزايد هذه الفترة في لبنان، وهو ما تشير إليه مصادر ديبلوماسية مطلعة بوصفه محاولة لمواجهة الدور الإيراني المتصاعد في هذا البلد.
وتتحدث المصادر عن قيام السفارة الأميركية في لبنان بزيادة عدد الديبلوماسيين والطاقم الأمني والإعلامي والسياسي العاملين في لبنان، وذلك نظراً إلى زيادة وتوسع دور السفارة في متابعة الأوضاع في لبنان والمنطقة وخصوصاً التطورات السورية وانعكاساتها على الوضع اللبناني.
كما تنشط العديد من المؤسسات الأميركية والغربية في لبنان لدعم مؤسسات المجتمع المدني والهيئات اللبنانية المعنية بمواجهة التطرف الديني، والتي تتولى العمل لإصلاح المؤسسات الدينية ووضع أساس جديد لخطابها على مستوى لبنان والعالم العربي، إضافة الى دعم عدد من المواقع الإلكترونية المتخصصة بمواجهة «حزب الله» وإيران. كما أن مراكز دراسات غربية ومؤسسات دولية معنية بالأوضاع في المنطقة وبالحركات الإسلامية ودورها المستقبلي، عمدت مؤخراً إلى تفعيل مراكزها في لبنان وزيادة عدد الندوات والمؤتمرات التي تعقد في بيروت حول هذه الملفات.
وتوضح المصادر أن أحد أهداف زيادة دور المؤسسات الأميركية والغربية في لبنان هو مواجهة احتمالات تزايد الدور الإيراني ودور «حزب الله» في لبنان والمنطقة بعد توقيع الاتفاق حول الملف النووي، إضافة إلى ملء الفراغ الحاصل بسبب تراجع الدور الخليجي والمساعدات التي تقدمها المؤسسات الخليجية، ولا سيما السعودية، للمؤسسات اللبنانية الرسمية أو الأهلية، خاصة على الصعيد العسكري والأمني.
وتضيف أن الاهتمام الدولي بالوضع اللبناني ناتج عن ازدياد المخاوف من أن يكون لبنان منطلقاً لهجرة المزيد من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين الى أوروبا في حال لم يتم تقديم الدعم الكافي للبنان لمعالجة أوضاع النازحين واللاجئين، أو عدم حصول هؤلاء على ما يكفي من معونات أو خدمات في أماكن إقامتهم. ومن هنا يأتي التركيز الدولي على زيادة المساعدات للبنان كي يستطيع استيعاب هؤلاء النازحين إلى حين حل الأزمة السورية أو توفر فرصة عودتهم إلى بلادهم، وهذا قد لا يحصل في وقت قريب نظراً للدمار الكبير في سوريا واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية.
أما الملف الثاني الذي توليه الجهات الدولية اهتمامها فهو تخوفها من تحول لبنان إلى مركز انطلاق وعمل للمجموعات الإسلامية المتشددة في حال تعرضت هذه المجموعات لمزيد من الضغوط في سوريا والعراق وانتقال بعضها الى الأراضي اللبنانية ومن ثم الانتقال الى دول أخرى في أوروبا والمنطقة. ولذلك تريد الجهات الدولية تقديم المزيد من الدعم العسكري والأمني للبنان لحماية الاستقرار ومواجهة المخاطر المقبلة، وخصوصاً بعد تراجع السعودية عن تقديم المساعدات العسكرية للبنان.
وتشير المصادر الديبلوماسية إلى أن المسؤولين الأميركيين أبلغوا القيادات العسكرية والأمنية والمسؤولين اللبنانيين استعدادهم لتقديم كل ما يحتاجه لبنان من مساعدات ودعم لحماية الحدود الشمالية والبقاعية ومن أجل الاستعداد لمواكبة التطورات الميدانية في سوريا، وقد تم البدء بتطبيق هذه الوعود من خلال تسليم عدد من الطائرات العسكرية للجيش اللبناني، إضافة الى زيادة التعاون العسكري والأمني مع لبنان. وبموازة ذلك يتحرك أيضاً عدد من الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا في الاتجاه نفسه.
وتؤكد المصادر أن لبنان أصبح يشكل أحد أبرز الاهتمامات الأميركية والغربية في هذه المرحلة، في ظل استمرار انسداد الأفق السياسي، ولا سيما تعطل الانتخابات الرئاسية، وتلفت النظر إلى أن الجهات الغربية لن تترك لبنان «لقمة سائغة لإيران وحزب الله وروسيا».