التناقض في التصريحات الأميركية والروسية حول مصير بشار الأسد يشبه لعبة شدّ الحبل بين فريقين الى ان يقع أحدهما أو ان يجرّه الآخر. في سوريا لن يتمكن أحد من ان يجرّ الآخر، لأن ما يجري هو بورصة مبادلات ومصالح كثيرة، ولهذا سينقطع حَبل الأسد في النهاية، ولكن من سيعلن إنقطاعه وكيف ومتى؟  

ليس غريباً ان تسارع موسكو الى نفي معلومات عن ان جون كيري أبلغ الدول العربية ان واشنطن توصلت الى تفاهمات مع موسكو حول مستقبل الوضع السوري، وضمن هذا رحيل بشار الاسد الى دولة ثالثة.

موسكو لا تستسيغ ذلك وخصوصاً بعدما اكتسح فلاديمير بوتين الميدان وأوجد توازناً يساعد على إنجاح الحل السياسي، لهذا يرى ان من حقّه هو إعلان الحلول! وليس غريباً ان تسارع واشنطن الى نفي ما أعلنته موسكو بعد زيارة جون كيري الأخيرة عن انها إقتربت من وجهة نظر الروس حول عدم البحث في مستقبل الاسد، لأنها لا تريد ان تبدو أنها فشلت في سوريا على رغم انها إنخرطت عسكرياً وسياسياً في الوحول السورية قبل روسيا، ولأنها لا تقبل ان تبدو في النهاية كأنها ترقص على أنغام بوتين!

المضحك هو سرعة التراشق بين الطرفين بإصدار بيانات النفي تحديداً حول ما يتعلّق بمصير الاسد، لأن كل العقدة منذ البداية تكمن في مصيره، ولم يكن غريباً ان يقال للعالم عندما ارتفعت الشكوى من طوفان اللجوء السوري، كان يمكنكم ان تقبلوا بلاجئ واحد يوفر عليكم مئات آلاف اللاجئين، والمقصود الاسد! ورقة دو ميستورا الاخيرة التي وافقت عليها موسكو، تتحدث في بنديها السادس والتاسع صراحة عن الإنتقال السياسي الذي يعني خروج الاسد والبحث يدور الآن حول كيف ومتى سيخرج، وبيان مايكل راتني رداً على قول موسكو إن كيري اقترب من موقفها من الأسد، كان واضحاً وصريحاً: الإنتقال يعني الخروج.

ولكن من الذي سيتولى الإعلان عن هذا الخروج في سياق لعب دور البطولة في صنع الحل، ومن الذي سيبشّر بأن الحبل قد انقطع أخيراً، تلك هي المسألة وخصوصاً عندما نقرأ التصريحات الروسية التي لم تتمسك بالاسد شخصياً بل بالإستقرار وبمصلحة الشعب السوري. فقبل عشرة أيام وسط التراشق ببيانات النفي، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الروسي فيكتور اوزيروف: "ان الأساس ليس الحفاظ على الاسد رئيساً بل على مصلحة الشعب السوري ونعمل لتهيئة الظروف لذلك".

ومنذ ٢٠ كانون الأول ٢٠١٢ قال بوتين: "موقفنا ليس الحفاظ على الاسد بل إيجاد الحل لمصلحة الشعب السوري، هذه العائلة في السلطة منذ ٤٠ عاماً ولا بد من التغيير"... والسؤال من سيتولى الإعلان عن التغيير؟

 

النهار