يعود الجدل في لبنان بين حين وآخر بشأن مشكلة السلاح المتفلت كلما سقطت ضحية جديدة، بعدما أصبح استخدامه شائعا في الأعراس والإحتفالات السياسية والمشادات بين المواطنين، وكثيراً ما يُقتل مواطنون لأسباب تافهة، مثل الخلاف على أولوية المرور بالسيارة أو عن طريق الخطأ.

على شرفة منزلها كانت تتنقل حين طاولها جهل أناس خارجين من كهوف اللا وعي، أسقطها أرضاً فغرقت بدمائها، الإصابة كانت قاتلة، إذ على رغم مقاومتها ساعات الا انها في النهاية استسلمت، رحلت آخذة معها براءتها وضحكتها وجمالها.

هي باتينا رعيدي إبنة 8 سنوات التي أصيبت بطلق ناري في محلة قرطبون نهار الثلاثاء، بعد إطلاق النار خلال إقامة تشييع أحد الاشخاص في بلدة حالات، وفيما يتمّ البحث من قبل الجهات المعنية عن المجرم الذي حرم باتينا طفولتها، إلاّ أن المذنب المباشر عن ظاهرة الرصاص العشوائي بات واضحاً.

أُغلق كتاب حياتها قبل أن تتمكن من ملء صفحاته كاملة، والسبب رصاصة استقرت في رأسها، نقلت على أثرها الى مستشفى سيدة مارتين ( جبيل )، لتتوفى عند الساعة الثامنة من صباح اليوم.

هي رصاصة حرمتها من براءتها.. قصة تمرّ أمامها أقلامنا وعناوين نشراتنا مرور الكرام، في بلد تخترقه قضايا فاسدة و تهدّد مصير أبنائنا لكن ما من رقيب ولا حسيب ولا مبال.

في دولة عاجزة عن بسط الأمن والأمان، أضحى الشارع متلفتاً، وهم يقفون جانباً غير قادرين على ضبط الوضع، فالرصاص العشوائي حالة نشهدها في كلّ مناسبةٍ وفي أي منطقة حتى باتت ثقافة تطال طوائفنا كافة من دون استثناء، فهي الدولة التي قتلت براءة طفلةٍ تستفيد من عطلة العيد لتلهو، فـحطم قلب والدتها وأبيها.

هي رصاصات الموت التي اعتاد اللبنانيون إطلاقها في الأفراح والأتراح وكل المناسبات من دون أن يعوا حجم الكارثة التي يسببونها بهجميتهم لعائلات تفتقد أحبائها في لحظة غادرة! 

فبدل البحث عن الجاني في الأروقة إذهبوا وأنقذوا ما تبقى من براءةٍ في عيون بعض الأطفال قبل أن تخطفها رصاصات أخرى من صنعكم.