كشفت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" الفرنسية أن الرئيس فرانسوا هولاند أمر منذ تشرين الثاني 2015 وحتى قبل الهجمة الإرهابية ضد باريس، بالإكتفاء بمراقبة المتهم بالإعداد لتفجيرات كبرى في فرنسا رضا كريكت، الذي اعتقلته السلطات مساء الخميس الماضي، ومراقبته اللصيقة باستعمال كل التقنيات الممكنة لرصد اتصالاته، للوصول إلى أكبر عددٍ ممكن من الأعضاء في خليته.

ويكشف تقرير الصحيفة أن شبكة كريكت ربما كانت السبب في إفلات شبكة أخرى، كانت تستعد لضرب فرنسا، بالتزامن معها ولكن دون معرفة بالعملية، أو بوجود شبكة "أباعود" البلجيكية الفرنسية التي تسللت إلى باريس ونفذت هجماتها بعيداً عن أعين المخابرات التي كانت ربما مشغولة بالشبكة الثانية، ما يؤكد نظرية الخلايات المستقلة التي عمد "داعش" إلى تشكيلها وتسريبها إلى أوروبا، لضمان نجاحها في المهام الموكلة إليها.

وأكدت الصحيفة أن السلطات لم تكن تنوي اعتقال رضا كريكت، بناءً على تعليمات رئاسية واضحة وصارمة منذ تشرين الثاني تقضي بمراقبته ورصد اتصالاته ومعرفة أعضاء خليته.

 

لكن الهجوم على بروكسل، وتراكم الأدلة على قرب انتقال كريكت للتنفيذ، بعد تكديسه مواد متفجرة خطيرة، واقتراب أعياد الفصح، كانت مؤشرات كافية بالنسبة للمخابرات الفرنسية لدق ناقوس الخطر، مع تأكدها من اقتراب الساعة الصفر، الأمر الذي جعل وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، يُلح على رئيس الدولة ورئيس الحكومة، بعد اجتماع مجلس الوزراء الخميس الماضي، بضرورة اعتقال كريكت المشهور بكنية "الفرنسي" في الأوساط الإرهابية في سوريا.

وأكدت الصحيفة نقلاً عن مصادر إستخبارية، أن المحققين فوجئوا بحجم المواد المتفجرة التي حصل عليها المتهم، والأسلحة الحربية والهجومية التي نجح في تخزينها، والخطورة التي شكلها تخزين هذه المواد في منطقة سكنية مكتظة مثل ضاحية ارجونتاي.

وأوضحت الصحيفة أن اعتقال كريكت منع حصول كارثة ربما تفوق التي حلت بفرنسا في 13 تشرين الثاني، سواءً نجحت الخطة أم فشلت، فمادة "تي ايه بي تي" المستعملة في باريس، والمخزنة لدى كريكت، الشهيرة باسم "أم الشيطان" بين إرهابيي "داعش"، مادة غير مستقرة إطلاقاً ويتحتم استخدامها في أسرع وقت ممكن، لتفادي تفجرها الذاتي، ما كان سيودي بحياة العشرات في المبنى السكني الذي كان يُقيم فيه زعيم الشبكة الجديدة، وفي محيطه المباشر، أو يتسبب في مقتل المئات من الفرنسيين إذا نجح في نقلها إلى المناطق المستهدفة.

وباعتقال كريكت، يبدو أن السلطات الفرنسية والبلجيكية، انطلقت هذه المرة بحظوظ أوفر وأفضل لمجابهة خلايا "داعش"، بفضل معرفتها بعدد من المتورطين في الشبكة الثانية المشتركة بين البلدين ، بعد اعتقال عددٍ من المتورطين في فرنسا وبلجيكا والإعلان عن دور محتمل للإرهابي السوري نعيم الأحمد، في ربط الصلة بين الشبكتين بشكل غير مباشر، وصولاً إلى روتردام واعتقال الفرنسي أنيس .ب ومصادرة كميات أخرى من المتفجرات المماثلة يعني أن السلطات الفرنسية والبلجيكية أصبحت أكثر قدرةً على التعامل مع هذه الخلايا، التي تخطط لتفنيذ هجمات إرهابية جديدة في أوروبا.

وفي هذا السياق، أكدت الصحيفة ذاتها أن صلاح عبد السلام، الذي يسعى إلى تضليل المحققين في بلجيكا ويُطالب بترحيله إلى فرنسا، كان مصمماً على الانتقام من بروكسل، وأنه أسرّ إلى أحد الموقوفين قبل اعتقاله الأسبوع الماضي أنه يُخطط "لضربة كبرى أخيرة في بلجيكا، باستهداف كنيسة أو تجمع ديني كبير بمناسبة الاحتفال بأعياد الفصح في بروكسل".

(24)