من يتابع مواقف الرئيس نبيه بري والمسؤولين في حركة أمل، يلحظ بوضوح وجود تمايز واختلاف بين هذه المواقف ومواقف قيادات حزب الله حول العديد من القضايا الداخلية والخارجية، رغم التحالف المستمر بين حزب الله وحركة أمل منذ عدة سنوات. فما هي طبيعة التمايزات والاختلافات في المواقف بين الفريقين؟ وهل يؤدي ذلك إلى المساعدة في الوصول إلى حلول سياسية؟ وكيف ينعكس التمايز على العلاقة بين الطرفين؟

طبيعة التمايزات والاختلافات

بداية ما هي طبيعة الاختلافات والتمايزات بين الرئيس نبيه بري وحركة أمل من جهة، ومسؤولي حزب الله من جهة أخرى؟ على الصعيد الداخلي، تختلف مواقف الرئيس نبيه  بري وحركة أمل  كلياً عن مواقف حزب الله تجاه حليف الحزب العماد ميشال عون،  وهذا الأمر يبرز في العديد من المحطات رغم الجهود التي يبذلها الحزب لإبقاء حدود التمايز ضمن سقف معين.

وفي الانتخابات الرئاسية تبنى بري بوضوح ترشيح النائب سليمان فرنجية بعد ان كان يدعم سابقاً وصول الوزير السابق جان عبيد  للرئاسة الأولى، ورفض دعم العماد عون، وهو يبذل جهوداً كبيرة لانتخاب فرنجية حالياً.

وعلى الصعيد السوري، ورغم العلاقة التاريخية التي تربط بري والحركة بالنظام السوري، لم يشارك مقاتلو الحركة في الحرب في سوريا، وكان الرئيس بري يحرص دوماً على الدعوة إلى الحلول السياسية، مع ان وسائل الإعلام التي تتبع بري والحركة كانت تدافع عن النظام السوري ومواقفه.

وخلال الازمة التي حصلت بين ايران وحزب الله ودول الخليج، وعلى رأسها السعودية، كان بري حريصاً على عدم اتباع التصعيد السياسي ضد السعودية، وكان يلتقي دوماً بالسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، وقد تلقى بري دعوة لزيارة السعودية، لكنه عمد الى عدم تلبيتها في المرحلة الماضية، لكن ذلك لا يعني انه لن يزورها في الوقت المناسب، واللافت انه في الأيام الماضية نُشرت مواقف منسوبة إلى الرئيس بري يدعو فيها إيران إلى عدم تحميل لبنان اكثر مما يستطيع، وفي المقابل دعا دول الخليج إلى عدم الضغط على لبنان وإلى مراعاة الظروف التي يواجهها لبنان. وعلى صعيد العلاقة مع أميركا، فقد بذل الرئيس بري جهوداً كبيرة، إن من خلال المجلس النيابي أو عبر وزير المالية علي حسن خليل، لمواجهة الاجراءات التي يتخذها مجلس الكونغرس لمحاصرة حزب الله ولبنان مالياً، وقامت عدة وفود لبنانية بطلب من بري لزيارة أميركا لمعالجة هذا الأمر.

وعلى الصعيد الداخلي، ازدادت المؤشرات التي تشير إلى قيام الرئيس بري ببذل جهود مكثفة لحصول الانتخابات الرئاسية وايصال النائب فرنجية إلى موقع الرئاسة الأولى.

نتائج التمايز

وهل هناك حلول سياسية؟ لكن إلى أين يؤدي التمايز والاختلافات في المواقف بين الرئيس نبيه بري وحركة أمل من جهة وبين المسؤولين في حزب الله؟

وهل سيساعد هذا التمايز في الوصول إلى حلول سياسية، وإلى أين ستصل العلاقة بين الحزب والحركة؟ رغم هذا التمايز والاختلاف في المواقف بين حزب الله وحركة أمل، فإن ذلك لا يعني ان الطرفين ذاهبان إلى صراع مفتوح أو اتخاذ مواقف تعيد الإشكالات بينهما، فالطرفان حريصان على التنسيق والتعاون المستمر، وخصوصاً في الانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية، مع انه في بعض الأحيان تحصل العديد من الاشكالات بين أنصار الطرفين في المناطق اللبنانية وفي الكليات الجامعية وعلى الصعيد الإعلامي، ويقوم المسؤولون في الحزب والحركة بمعالجة هذه الاشكالات. وقد حرص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلته التلفزيونية الأخيرة على التأكيد على التعاون والتنسيق بين الحزب والحركة.

في موازاة ذلك، حرص الرئيس نبيه بري مؤخراً على اتخاذ العديد من المواقف التي تؤكد تمايزه عن الحزب, ولا سيما في معركة الانتخابات الرئاسية، والمطلعون على أجواء بري والمسؤولين في حركة أمل يؤكدون ان بري يسعى بشكل حثيث من أجل الاسراع بحصول الانتخابات الرئاسية وايصال النائب سليمان فرنجية إلى هذا الموقع، لأن حصول هذا الاستحقاق يخفف من الضغوط على حزب الله ولبنان.

وبانتظار تبين الأفق الذي ستصل إليه مواقف الرئيس بري وحركة أمل في المرحلة المقبلة، يبدو أن التمايز في المواقف بين الطرفين سيستمر  وقد يساعد في تسريع الحلول السياسية في لبنان، لكن ذلك لن يؤدي إلى خلافات جذرية أو استراتيجية بينهما، ولن يعود الطرفان إلى الصراعات العسكرية والشعبية كما حصل في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي، لكن يبدو ان كل طرف سيتبع اسلوبه الخاص في العمل السياسي، إن على المستوى الداخلي أو الخارجي.