بقدر ما اتسمت المواقف التي اطلقها الامين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله" بالحزم والقوة في مواجهة "الهجمة" الاسرائيلية "المفترضة" والعربية "الواقعية"، أتت رسائله الداخلية على نفس الدرجة من الاهمية، في ظل الاتهامات المزمنة للحزب بتعطيل الاستحقاق الرئاسي وسعيه للفراغ، في الوقت الذي تختلف فيه قراءة "حارة حريك" للمستجدات الاقليمية والدولية الى حدود التناقض مع الفريق الآخر، في ما خص موقع محور الممانعة وقوته ازاء التسويات التي يجري الحديث عنها.

فمواقف السيد التي لم تخرج عن المعهود والمتوقع، معيدة التركيز على الخطر الاسرائيلي ودور المقاومة الاساسي في الصراع، جاءت في اطار استراتيجية الحزب المتبعة حديثا "باعادة" احياء فكرة المقاومة الكفيلة بازالة ما يلحق بها من تهم ارهابية اثر تورطه في حروب المنطقة، من جهة، وللتاسيس لمرحلة عودة الحزب من سوريا الى الداخل من بوابة الجنوب وحصرية امتلاك الحزب لمفتاح استقرار تلك الساحة، من جهة ثانية، رغم ان ثمة من يتخوف من اشعال الجبهة الشرقية تحت مسمى الحرب على الارهاب.

مقاربة تبين قراءة ما بين سطورها اعترافا ضمنيا غير مباشر "بالهزيمة" التي مني بها محور الممانعة مع الانسحاب الروسي من الميدان السوري، في ظل تاكيد السفير الروسي في بيروت ان بلاده لم تبلغ طهران بخطوتها، خلافا لما حاول الاعلام المقرب من الثامن من آذار التسويق له، وتعزز الفرضية القائلة بان السقف الرئاسي المرتفع للحزب انما هدفه الوصول الى "تسوية السلة الشاملة" التي تضمن له الابقاء على سلاحه. 

واذا كان من المؤكد ان اسرائيل ستعكف على دراسة كلام السيد والتدقيق فيه يبدو من الواضح ان "الغموض" الذي تقصدالابقاء عليه في الكثير من الملفات الداخلية قد أثار المراقبين في بيروت الذي توقفوا عند النقاط التالية: 

- ثباته عند موقفه ما يؤشر الى عدم استعجال في حسم ملف انتخابات الرئاسة وتركه الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات، مع اقتناعه باستحالة وصول "الجنرال" رغم تاكيد دعمه له "والذي لا يعني رفض مرشح آخر"، رابطا لاول مرة بين الحل السوري والرئاسة "اذ ان وصول رئيس من الثامن من آذار الى بعبدا لن يقدم او يؤخر في الموضوع الاقليمي، ما يفسر راحة الحزب وتريثه". 

- عدم تطرقه الى مبادرة الرئيس بري ومحاولته لاول مرة ارساء "توازن" بين الجنرال والبيك لجهة الاحقية بالمنصب، غمزا من قناة "وقوع" رئيس تكتل الاصلاح والتغيير في فخ رئيس حزب القوات اللبنانية الذي اتخذ مبادرة ترشيحه متكلا على ايقاع الشرخ بين الحزب والتيار، وهو ما ركز عليه بالامس صراحة، تماما كما حصل مع النائب فرنجية الذي "وقع في شباك" المستقبل.

- رد التحية بالمثل للرئيس سعد الحريري، معتبرا ان لا مانع من اللقاء "بشروط" طالما ان الحوار الثنائي مستمر، في مقابل سلبية واضحة من القوات اللبنانية، اقفلت الباب امام كل الوساطات بين الحزبين، مصيبا بذلك العماد عون "بمقتل". 

- اظهاره لاول مرة موقف الحزب الرسمي من مصالحة معراب، الغير مرتاح لنوايا الاخيرة، بعدما نجح "الحكيم" في اللعب على وتر "تجييش" الشارع "البرتقالي" ضد حارة حريك. 

-عدم مقاربته لملف الانتخابات النيابية عن المقعد الشاغر في جزين بشكل مباشر، بعد دعوة وزير الداخلية الهيئات الناخبة وكشف التيار الوطني الحر عن مرشحه الفعلي، في ظل الاعلان عن عزوف الرئيس بري عن خوض المعركة بناء "لتمنيات" من حزب الله.

ايا يكن ككل مرة ستبقى الطلة مدار تحليل ومراجعة لاسابيع قبل فك كل "رسائلها المشفرة"، التي انعكست عدم ارتياح واضح في الرابية، و"غبطة" في معراب من الاحراج الذي سيصيب "الجنرال" تجاه قواعده بداية والمجتمع المسيحي بشكل عام.

    ليبانون ديبايت