تركت استقالة الوزير أشرف ريفي ،عند إعلانها، موجة من التعاطف والتأييد مع صاحبها، إذ اعتُبرت خطوة جريئة في وجه الطاقم السياسي الحاكم، والنظام القضائي الفاسد، وتعتبر المحكمة العسكرية أبرز نماذج هذا النظام.

فقد حكمت على ضابط مخابرات في الجيش، ثبُت تعامله مع إسرائيل، بسنوات سجن لا تتعدى أصابع اليد، وكرّرت الأمر بوقاحة بإطلاق سراح وزير سابق ،ظُبط متلبساً بنقل المتفجرات بسيارته ،وإلى منزله، من البلد الشقيق سوريا، قلعة الممانعة والمقاومة. وقرأها البعض انتفاضة ضد المسار السياسي لتيار المستقبل في منعطفات عدة، كترشيح الوزير فرنجية لرئاسة الجمهورية، واستمرار الحوار مع حزب الله، حوار في نظر ريفي لا يُنتج إلاّ الخيبات ، وإحباطات كان التيار في غنى عنها. إلاّ أنّ الخطأ الفادح الذي رافق الاستقالة وما تلاها يتلخص بالنقاط المتعلقة بوجه من رُفعت الاستقالة؟

أولا: إذا كانت قد رُفعت بوجه سعد الحريري، فهذا سبق له أن نفض يديه من ريفي بعد ساعات من انسحابه من جلسة مجلس الوزراء، وأعلنها جهارا: ريفي لا يمثلني ، وهو بذلك ليس على درب من يتبراون من معاونيهم ورفاق دربهم، فقد سبق للرئيس بري أن لفظ من حركته، كل من اعترض على سلطته،وكان على رأسهم الوزير السابق محمود أبو حمدان، فقد كان أبو حمدان من العاملين النشطين في حركة أمل، ويتمتع بشعبية وازنة في محيطه البقاعي، ومع ذلك فقد أصبح نسياً منسيا. كذلك فعل ميشل عون مع اللواء أبو جمرة، رفيق السلاح والمنفى

لذا فرفع الاستقالة بوجه الحريري لا معنى له ولا جدوى. ثانياً: هل رُفعت الاستقالة بوجه الحكومة ورئيسها ووزرائها ؟

أم بوجه قادة الأحزاب والزعامات ،أم بوجه المرجعيات الروحية المتعددة؟ وهذه مجتمعة ومنفردة، لم تكترث بالاستقالة، واعتبر البعض أنها لا تعنيه، رغم إعلان أسفه، واعتبرها كثيرون من قبيل لزوم ما لا يلزم، وبالمُحصّلة، فبغياب رئيس الجمهورية، تكون الاستقالة قد ذهبت بلا عنوان واضح وصالح.

 كان من الممكن الاستفادة من هكذا استقالة لو أنّ قوى الحراك الاجتماعي التي انتفضت في الأشهر الأخيرة، ما زالت ذات فعالية وجدوى ،بعد تشتُّتها وضياع أهدافها، في حين بدت الطبقة السياسية، ورغم تناقضاتها الظرفية، قادرة على التماسك، واستعادة حيويتها عند كل منعطف خطر يهدد وجودها. وللأسف، تحولت الاستقالة إلى خسارة مضاعفة للهيئات المدنية والمنتديات والمواقع الثقافية المناهضة للطغمة السياسية الحاكمة، وذلك بخسارة موقع وزارة العدل، لذا، وبالسرعة الممكنة، يستحسن أن يعود الوزير ريفي عنها، فالعودة عن الخطأ فضيلة، هكذا كان، وهكذا يبقى.