بالرغم من الحركة الدبلوماسية الأميركية الناشطة من خلال الجولات التي يقوم بها وزير الخارجية جون كيري على عواصم العالم المعنية بالبحث عن حلول لأزمات المنطقة وخاصة الأزمة السورية والتي أفضت إلى المفاوضات الجارية في جنيف فيما أطلق عليه بجنيف 3.

إلا أن الواضح أن اي بحث جدي لأي حل يبدو أنه مؤجلا في الوقت الراهن بعد أن وضع في الثلاجة الأميركية بإنتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية وما قد ستنتجه هذه الانتخابات، بحيث أنها ستحدد الرئيس الذي سيصل إلى البيت الأبيض وفريقه السياسي ورسم معالم التوجهات السياسية الداخلية والخارجية للأدارة الجديدة، مما يعني أن جولات كيري ومحادثاته مع نظرائه المعنيين ليست اكثر من حراك في الوقت الضائع،  ولزوم ما يلزم على الساحة الدولية، سيما وأن اي حل لأي أزمة دولية لا يمكن ان يأخذ طريقه إلى التنفيذ إذا لم يكن منطلقا من تحت المظلة الأميركية.   

هذا الانكفاء الأميركي والتردد الذي تميزت به إدارة الرئيس أوباما أعطى مساحة واسعة لروسيا كي تلعب دورا مؤثرا في ما يجري في دول المنطقة، وهذا ما بدا واضحا من خلال الضجة الكبيرة التي أحدثها الإنسحاب العسكري الروسي من سوريا بعد إعادة ميزان القوى في الميدان السوري لمصلحة النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، مما قد يؤدى إلى خلط الأوراق السياسية من جديد، إذ ان الحل السياسي الذي زادت فرص نجاحه في جنيف.

رغم أنه جاء ثمرة جهود واتفاق بين واشنطن وموسكو إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدا أنه اللاعب الأساسي والمؤثر في هذا الحل بعد أن استطاع أن يستغل سياسة التردد والانكفاء الأميركية في الشرق الأوسط ويعيد فرض الدور الروسي كلاعب محوري دولي انطلاقا من خط محاربة الارهاب على الساحة السورية ومنع سقوط الأسد والاحتفاظ بالمواقع  العسكرية والقواعد الجوية الروسية على الساحل السوري.  

ومن المؤشرات التي تدل على تعاظم الدور الروسي في مستقبل المنطقة. الزيارة التي قام بها رئيس الدولة الإسرائيلية / رئوفين ريفلين / إلى موسكو واجتماعه مع الرئيس بوتين اكثر من ساعتين للتفاهم معه على مرحلة ما بعد الانسحاب الروسي من سوريا.   

وقد أكد بوتين للرئيس الإسرائيلي على تمسك روسيا بالدفاع عن أمن إسرائيل،   وخلال الاجتماع طرح ريفلين مسألة مهمة. إذ انه طلب من الرئيس الروسي المساعدة  في منع إيران وحزب الله من الاقتراب من الحدود السورية الإسرائيلية وبناء بنية تحتية عسكرية لهما لشن عمليات ضد إسرائيل. وسعى رئيس الدولة الإسرائيلية من خلال التفاهم مع روسيا إلى التدخل في رسم المستقبل السياسي لسوريا ومطالبة بوتين بالاعتراف بشرعية وجود إسرائيل في هضبة الجولان لدى طرح الموضوع على بساط البحث.

وبذلك تحاول إسرائيل ترسيخ احتلالها للجولان واعطائه صفة الشرعية، حتى الإيرانيون اقتنعوا بالدور الروسي المؤثر الذي فرض التحولات الجديدة واستوعبوها.

ولم يتردد عبداللهيان بالقول ان جيش الأسد منهك، وأن الإجتماعات في جنيف ستحدد أسماء أعضاء الهيئة الانتقالية،   فقط النظام السوري ما زال مصرا على المكابرة ويتمادى في غيه وغبائه، فكانت تصريحات وليد المعلم من أن بشار الأسد خط أحمر وأن لا وجود للانتقال السياسي فجاء الإنسحاب العسكري الروسي كصفعة قوية وكأنذار أخير لبشار الأسد بأن الفرصة ما زالت أمامه متاحة للرحيل بكرامة وإلا..