تحاول حركة حماس توظيف التناقضات في المشهد الإقليمي، للحفاظ على وجودها والإفلات من العواصف التي تجتاح التنظيمات الإسلامية. فمنذ أن أدرجت الجامعة العربية، وقبلها مجلس التعاون الخليجي، حزب الله اللبناني ضمن لائحة الإرهاب، وهي تتلمس خطاها للابتعاد عن هذا المصير.

وبدا ذلك واضحا في تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الأخيرة والتي حاول من خلالها التخفيف من أهمية التقارب مع إيران، رغم استمرار الوفود الحمساوية في طرْق أبواب طهران.

وقال خالد مشعل في مقابلة مع قناة “فرنسا 24” إن هناك حالة من الجمود مع إيران، بسبب موقف حركته من سوريا.

وأوضح أن الأزمة بين حماس والرئيس بشار الأسد، أثرت على العلاقة مع إيران، التي ردت بمراجعة الدعم المالي للحركة بشكل كبير. واستدرك رئيس المكتب السياسي لحماس قائلا إن الجمود في العلاقة مع إيران لم يصل إلى القطيعة الكاملة.

وبرأي طارق فهمي، الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، والمتخصص في الشأن الفلسطيني، فإن حديث مشعل عن جمود العلاقة مع إيران لا يخرج عن كونه “مناورة”.

وأضاف الباحث المصري لـ”العرب” أن قيادات المكتب السياسي لحماس في الخارج، أصابها قدر من الإحباط، وتحاول أن تلعب على كل الأطراف وتوظف كل التناقضات الإقليمية بين مصر وتركيا وقطر والسعودية وإيران، فالحركة فشلت في أن تستفيد من التقارب مع تركيا، ولم تستطع أن تخطو خطوة جيدة بشأن المصالحة مع فتح من خلال قطر، وحتى السعودية وعدت بالتدخل لإجراء مصالحة فلسطينية، لكنها لم تستكمل، فيما العلاقة مع مصر ازدادت توترا على خلفية التطورات في قضية اغتيال المدعي العام هشام بركات.

وقال مشعل، إن القيادة المصرية تدرك جيدا براءة حركته من الاتهامات الأخيرة الموجهة إليها، مشددا على أن حماس لم تتدخل في شؤون مصر.

وأوضح “أردنا عبر اللقاء المباشر أن ننفي هذه المسائل ونتكلم بصراحة حتى لا تكون الاتهامات هكذا عبر الإعلام أو عبر مسؤول مصري”.

وكان وفد من حركة حماس، برئاسة موسى أبومرزوق عضو المكتب السياسي وصل القاهرة السبت الماضي، للقاء مسؤولين مصريين لبحث العلاقة الثنائية بين الطرفين، عقب اتهامها بالتورط في عملية اغتيال بركات.

والظاهر أن الحركة تناور بورقة مصر والخليج للضغط على إيران، وتناور بورقة الأخيرة للتقرب من الخليج عامة، وليس السعودية وقطر فحسب، وتتحدث في العلن عن جمود في العلاقات مع طهران، لكنها تريد التقرب منها عبر الضغط عليها بشتى الطرق، لأجل أن تراجع حساباتها مع الحركة.

يذكر أن انتخابات المكتب السياسي لحماس بعد أشهر قليلة، وخالد مشعل يريد أن يعيد للحركة نطاق تحالفها التقليدي مع إيران ومصر في آن واحد، من دون أن يخسر دعم بعض دول الخليج، حيث يطمح مشعل إلى أن تظل الخطوط مفتوحة على الدوام.

وأكد اللواء جمال مظلوم، المدير السابق لمركز الخليج للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن حماس تغازل مصر والخليج بعدائها الظاهر فقط مع إيران وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب على مستوى جميع الأطراف.

وأشار لـ”العرب” إلى أنه لا يمكن أخذ هذه التصريحات على محمل الجد، على اعتبار أن تقديم القرائن والأدلة أهم من العبارات المرسلة، فلا أحد يعلم بواطنها الحقيقية.

ويرى محللون أن الواضح أن قيادات الحركة، تحاول أن توظف “لعبة توزيع مراكز القوى داخل الحركة بين حماس الداخل وحماس الخارج” من خلال تصريحات براغماتية.

وأكد مشعل أن هناك توترات مع إسرائيل، لكن “حماس حريصة على تجنّب الحرب الشاملة، فنحن نسعى للتخلص من آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة وفك الحصار”. واستبعد طارق فهمي، أن تعمد الحركة للدخول في حرب مع إسرائيل لإحراج مصر.

وقال متابعون لـ”العرب” إن حماس مضطرة إلى التجاوب مع المطالب التي عرضتها القاهرة، لأنها تشعر “بالاختناق”.

وحددت محكمة مصرية يوم 31 مارس المقبل، للنظر في أولى جلسات الدعوى القضائية التي تطالب بإدراج حركة حماس كـ”منظمة إرهابية”.