تدفع طهران بشكل حثيث إلى ردم الهوة التي اتسعت بين رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، بعد دعوة الأخير انصاره الى الاعتصام امام بوابات المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، للضغط على العبادي لتحقيق الاصلاحات الشاملة وتغيير الكابينة الوزارية بشكل جذري.

وبهذا الصدد كشف مصدر سياسي مطلع عن انهيار المفاوضات الثنائية بين الصدر والعبادي وعن دخول طهران طرفا اساسيا في محاولة انعاشها من جديد.


وقال المصدر في تصريح صحافي تابعته (المستقبل)، إن «بيان الصدر الاخير بشأن الاعتصام كان نتيجة الانهيار بعد فترة من المفاوضات بين الطرفين جرت عبر الهاتف او بين المتحدث باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي وامين عام كتلة الاحرار ضياء الاسدي من جهة، ورئيس الحكومة من جهة ثانية»، مشيرا الى ان «اسباب الانهيار غير واضحة حتى الان، لكن الصدر كان يصر على عدم جدية العبادي في محاسبة المفسدين وتقديمهم الى القضاء وكان يكتفي بالتعهد، وهو ما لم يلق أي قبول لدى الصدر».

واضاف ان «العبادي حاول اقناع الصدر بدفع المهلة التي اعلنها (45 يوما)، لكن الثاني رفض ذلك وطالب بالبدء في محاسبة الفاسدين على الفور لإقناع الشارع بجدية اصلاحات الحكومة»، مبينا ان «الصدر لا يملك حتى الان رؤية واضحة او برنامجا اصلاحيا شاملا ممكنا التطبيق في الظرف الحالي، فيما يرى العبادي ان خطواته الاصلاحية المقبلة ستنتج حكومة منسجمة قادرة على تجاوز المرحلة ومواجهة التحديات بصورة جيدة».

وبين المصدر ان «وساطات ايرانية تلوح في الافق لإعادة مسار المفاوضات من جديد واقناع الصدر بالعدول عن قراره الاخير بالاعتصام امام بوابات المنطقة الخضراء».

وكان الصدر دعا انصاره في اعقاب احتجاجات شعبية في بغداد ومدن عراقية عدة جرت الجمعة الماضية الى الاعتصام امام ابواب المنطقة الخضراء يوم الجمعة المقبل لحين انتهاء مدة الـ45 يوما التي منحها الى حكومة العبادي من اجل التغيير الشامل في كافة المجالات.

وعلى وقع الازمة السياسية الطاحنة في العراق يحاول رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ايجاد ارضية مشتركة بين زعماء القبائل المنقسمين في الانبار (غرب العراق) لتسوية الخلافات العميقة التي مهدت الى سيطرة تنظيم «داعش« على اغلب مدن المحافظة التي تحقق فيها القوات العراقية مدعومة بغطاء من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مكاسب مهمة على الارض تمكنت من خلالها من طرد المتشددين من مناطق غرب الرمادي.

وشدد الجبوري على ضرورة حصول «المصالحة» بين سكان وزعماء محافظة الانبار. وقال في مؤتمر صحافي عقده في مدينة الرمادي اثناء زيارته لها امس «حصلنا على وعود بعودة النازحين إلى المناطق خلال الاسبوع الماضي اثر عمليات عسكرية»، موضحا «نحن الان بالمرحلة الثانية من المراحل التي تعود بها الحياة المدنية للمحافظة كما كانت والتي تتمثل بعملية إعادة الاعمار».

وأضاف رئيس البرلمان العراقي أن «هناك جهدا لا بد ان يبذل يتمثل بتحقيق نوع من المصالحة بين أبناء المحافظة»، داعيا أبناء المحافظة وأصحاب الحكمة الى أن «يفعلوا دورهم في إزالة كل الخلافات والبدء بصفحة جديدة أساسها التعاون والوئام ونبذ الخلافات لأنها أوردت للمحافظة ما رأيناه من وجود الارهاب والنازحين».

وتأتي تلك الدعوة في اعقاب الخسائر الجسيمة التي تعرض لها تنظيم «داعش« خلال الساعات الماضية اذ أعلن راجح العيساوي رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار استعادة القوات المشتركة لمنطقتي الخوضة وبنان في محيط قضاء هيت الشرقي (غرب الرمادي).

وقال العيساوي إن « القوات المشتركة من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر نفذوا عملية عسكرية واسعة استهدفت معاقل وتجمعات تنظيم داعش، مما اسفرت عن تطهير منطقتي الخوضة وبنان في محيط قضاء هيت الشرقي (70 كم غرب الرمادي) ومقتل العشرات من عناصر داعش».

وأضاف العيساوي أن « القوات الأمنية تتقدم بشكل كبير ومتواصل في معارك التطهير في محاور قضاء هيت (غرب الرمادي)، التي باتت تحت مرمى نيران القطعات القتالية ويتم فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين واخلائهم الى مناطق آمنة في قضاء الخالدية وناحية الحبانية وعامرية الفلوجة».

وأكد رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة الأنبار أن «تنظيم داعش الارهابي منهار بشكل كبير مما جعل عناصره يهربون ويفقدون السيطرة حتى على عوائلهم الذين هربوا قبلهم الى المناطق الغربية للأنبار منها القائم وصولا الى سوريا».

كما أعلن مصدر عسكري انطلاق عملية عسكرية واسعة من ثلاثة محاور لاستعادة ناحية المحمدي التابعة لقضاء هيت من تنظيم داعش.

وأدى تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في غرب الرمادي الى هروب جماعي لعناصر تنظيم داعش من مناطق قضاء القائم (غرب الرمادي) الى سوريا.

وقال عيد عماش المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار إن «جميع عناصر تنظيم داعش هربوا من مناطق القائم والمناطق الغربية منها هيت وكبيسة الى سوريا بعد انهيار عناصر التنظيم وفقدانه السيطرة على خلاياه التي تكبدت خسائر فادحة بالعناصر والأسلحة والعجلات التي يستخدمها في شن الهجمات»، مبينا أن «التنظيم خسر القاعدة التي كان يستخدمها في المناطق منها خطوط التمويل والدعم الذي كان يستخدمه في تمويل خلاياه».

وأضاف عماش أن «القوات الأمنية ستنفذ عمليات عسكرية واسعة لاستعادة المناطق الغربية بعد هروب خلايا (داعش) منها مع تأمين الشريط الحدودي بين العراق وسوريا لقطع إمدادات التنظيم من سوريا».

وأعلن عماد احمد قائمقام قضاء الرطبة بمحافظة الانبار القريب من الحدود الاردنية انسحاب تنظيم «داعش» من القضاء بالكامل.

وقال احمد في تصريح صحافي ان «عناصر تنظيم داعش انسحبوا امس من قضاء الرطبة بالكامل وتوجهوا الى قضاء القائم غرب الرمادي»، مبينا ان «شوارع القضاء خالية الان من عناصر التنظيم».

واضاف احمد ان «الانسحاب يعود لتوقعين الاول اما ان يكون بسبب انكسار داعش في الرمادي ومناطق الانبار الاخرى وخشيته من تلقيه خسائر كبيرة من جراء هجوم القوات العراقية على الرطبة، او ان التنظيم اراد ان يوهم سكان الرطبة بانه انسحب من اجل الكشف عن المتعاونين مع القوات الامنية»، مطالبا القوات الامنية بـ»الاسراع في استعادة المدينة لكونها فرصة لا تعوض».

وقال قائد عمليات الجزيرة اللواء علي ابراهيم دبعون ان «تنظيم داعش انهار في هيت وكبيسة». واضاف ان «احد كبار قيادات داعش وجه عناصره في هيت وكبيسة بالانسحاب من المدينة والناحية والتوجه الى مدينة القائم الحدودية العراقية مع سوريا (350 كلم غرب الرمادي)».